القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

إلى أبي

169

بقلم/ محمد جلال
أكتبُ إليكَ كلماتٍ تقفُ عاجزةً عن وصفِ تفاصيلكَ، حروفًا تتراكمُ من أجلُ عينيكَ، تتزاحمُ النقاطُ على الكلماتِ معلنةً سقوطَها عن ذكرِ أفضالِكَ وعطائكَ الوفيِّ دون مقابلٍ، هو الأبُ الذى قيل فيه: هو تاجُ الزمانِ، ملكُ القلوبِ بلا صراعٍ، جميلُ الروحِ، أميرُ معاييرِ السلامِ، فكيف لا يهوى القلبُ أبي وهو كالظلِّ، والعينُ من تلك الحروفِ كالتائهِ في سفينةِ نوحِ.
فقد يكونُ وجودُ الأب هو أكبرُ نعمةٍ على الإنسانِ لا يعرفُها الا من فَقدَها، فالأبُ أينما يكونُ تكونُ سبلُ السعادةِ، الطمأنينةُ، الحبُّ، حتى الرضا قد يكتملُ، كما قيلَ عن النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ، لكي يكتملَ الفوزُ بالجنةِ لابدَّ أن نقدرَ وجودَه ونعملَ جاهدينَ على إرضائِه، فلا حبَّ كحبِّ الأبِ ولا دلالَ بعد دلالِهِ، ولا أمانَ إلا أمانُه.
فالأبُ كما هو معروفٌ في المعتادِ هو القدوةُ الأولى لأبنائهِ، بطلُ حكاياتِهم، أولُ من ينشؤوا عليه، فيا “قمرى” أنت والقاف عين، سكنتَ “قلمي” أنت والميم باءُ، وملكتَ “حبري” أنتَ من دون راءِ، جعلتَ للحياةِ معنىً وللتفاصيلِ مكانًا أجملَ بأن نقدرَ قِيمتَهُ، فهل لي مِنكَ يا رفيقُ غيرَكَ؟ صديقًا لا ينتظرُ وفاءً، حبيبًا لا ينتظرُ تبادلًا.
أبي الحبيبُ: رأيتُ في عينيكَ بريقًا مكنونًا باللُطفِ، فيها روحٌ صُنعِتْ للسعادةِ، ورونقٌ عشقَ سحرَ القلبِ بجمالِ هدوءِ ضِحكتكَ، ومرورُكَ كان أجملَ ما في اللقاءِ، تحدقُ عيناي بشعرِكَ الأبيضِ وكأنّ الجمالَزقد خُلِقَ من وصفِ ذاتِكَ، قيلَ عنكَ في القصيدِ وعند القوافيِ كان اللجوءُ لك أطيبَ ما يكونُ، أكبرَ بأن تكون أميرًا لو كان للحُبِّ ممالِكٌ، وَردَتُكَ أنا يا أبي حين تغفلُ عنها تذبلُ، تسقطُ وتموتُ بلا مِحلاقٍ يسندُ ضِعفَها، سقطَ القلمُ وجفتْ الأوراقُ مُعلنةً استسلامَها عن وصفِ تفاصيلِ حبي لك، أبي الغالي: أحبك جدًا.

قد يعجبك ايضا
تعليقات