القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

كيف نستمطر الرحمات الربانيه؟ ” الجزء الخامس “

98

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع كيف نستمطر الرحمات الربانيه ؟ وقد ورد في الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم وتقوى الله تعالى بإتيان الطاعات والاجتهاد في ذلك وترك المحرمات حيث يزيد ذلك من القرب من الله تعالى والخشية منه، وكذلك معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته فمعرفة الله تعالى تزيد من جلاله وعظمته في القلب، فتجعل بين العبد ومعصية الله حدا لا يجوز تجاوزه، وكذلك معرفة فضل الخائفين، فمن أدرك فضل الخشية من الله تعالى عمل حتى يكون من أهلها حيث قال النبى صلى الله عليه وسلم ” لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن فى الضرع ولا يجتمع غبار فى سبيل الله ودخان جهنم” فمن أدرك قول النبى صلى الله عليه وسلم دفعه إلى أن يكون مع زمرة الخائفين الوجلين من الله تعالى حتى ينال الفضل من الله تعالى، وكذلك تدبر آيات العذاب والوعيد، فمن أدرك وعيد الله تعالى وتدبر شقاء أهل الذنوب والمعاصي اجتنب طريقهم حتى لا يصيبه ما أصابهم من عذاب، وأيضا سماع المواعظ والمحاضرات. 

 

حيث إن مجالس العلم والرقائق تزيد من رقة القلب وحضوره وتبعث فيه الشعور بالخشية وحب الله تعالى وطاعته، وكذلك كثرة الذكر، فذكر الله تعالى يجلو القلب مما أصابه من كدر وذنوب، فيستحضر الذاكر جلال الله تعالى وعظمته فيزيد بذلك خوفه وخشيته منه، وأيضا الخوف من الأخذ بالذنب فمن استشعر قدرة الله تعالى على أن يحول بين قلب المرء وبين توبته بسبب ذنوبه ومعاصيه، فإن ذلك يدفعه إلى ترك المحرمات وتعجيل التوبة والإنابة قبل فوات الأوان، وإذا أيقن الإنسان مراقبة الله عز وجل له فخشيه وخاف منه، فإن ذلك يعود على العبد بعدة ثمار وفوائد منها، المغفرة من الله تعالى والأجر العظيم، حيث قال الله تعالى ” إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير” وإن من ثمرات الخوف من الله هو الفوز والفلاح حيث قال الله تعالى في كتابه الكريم ” ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون” وأيضا من ثمراته الفرج والنجاة حيث ورد في قصة الثلاثة الذين أغلق عليهم باب كهف ولم يستطيعوا الخروج منه. 

 

فبدأوا بمناجاة الله تعالى بأفضل الأعمال التي قدموها رجاء أن يفرج الله تعالى عليهم مصيبتهم، فدعا أحدهم بأنه كاد أن يزني بامرأة ولما تمكن منها تذكر عذاب الله تعالى ووعيده فتركها لله تعالى فتحركت الصخرة التي سدت باب الكهف حتى كان ذلك سببا في خروجهم ونجاتهم، ومن ثمراته أيضا هو دخول الجنة والنجاة من النار حيث قال الله تعالى ” من خشى الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب، ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود، لهم ما يشاءون ولدينا مزيد” فلا بد للعبد مهما بلغ إيمانه وتعلقه بالله أن يقع بالذنوب والخطايا والآثام، وهذه الذنوب تتفاوت في درجتها بين القوة والضعف، فربما بعض الذنوب تسبب بُعد المرء عن الله وتحمل وزر ذنب عظيم، كأن يشرك بالله غيره من الخلق بقصد أو بغير قصد، ومثال الذنوب التي يقترفها الإنسان في حياته اليومية أثناء تعامله مع الناس ومحادثته لهم، وما يجلبه له لسانه إذا نطق بما يوقعه بالحرام، أو نظر إلى محرَّم، أو عاون ظالما على ظلمه وهكذا، وإن هذه الذنوب صغيرها وكبيرها يجب على المسلم. 

 

أن يتوب منها، ويستغفر الله لوقوعه فيها، ويطلب منه أن يُسامحه عليها، وإن أول ما ينبغي على العبد أن يقوم به إذا أراد من الله أن يسامحه بعد أن يذنب أن يلجأ إلى الله ويتوب إليه من ذلك الذنب الذي اقترفه، ويشترط في التوبة عدد من الشروط منها أن يندم على ما اقترفه من المعاصي والذنوب، ويجد في قلبه حُرقة لذلك الذنب الذي ارتكبه بحق الله سبحانه وتعالى، ولا يستسيغه أو يقبله، أن يعلم يقينا أنه مقصر في حق الله عز وجل، وأنه قد ارتكب ما يجعله يطلب المسامحة من الله عليه، وأن يبتعد عن فعل ما يطلب من الله أن يسامحه عليه، فإذا ما ارتكب معصية ثم طلب من الله أن يسامحه عليها فيجب أن ينتهي عن فعلها، وإلا لكان فعله مناقضا لطلبه، وأن ينتهي عن فعل المحرمات بأشكالها، ويقبل على الطاعات والعبادات، ويبتعد عن الرفقاء الذين يعينونه على الوقوع في المعصية التي طلب من الله أن يسامحه عليها، وأن يعزم ألا يعود للمعصية أبدا، فإذا كانت المعصية متعلقة بحق آدمي فيجب أن يرده له أولا، ثم يتوب من المعصية.

 

ولقد جاءت العديد من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية في إثبات فضل الاستغفار وعلاقته بقبول الله لتوبة العبد، ومسامحته له على ما بدر منه من الذنوب والآثام والمعاصي ومغفرته لها، بل وقلب تلك الذنوب إلى رزق وخير للمستغفرين، ومن ذلك ما جاء على لسان نبى الله نوح عليه السلام حينما دعا قومه للإيمان بالله سبحانه وتعالى والكفر بآلهتهم والاستغفار عن ذلك، فقال الله تعالى ” فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهار” فقد قرن نوح بين الاستغفار وكثرة الرزق والخير الذي يأتي من جميع الجوانب المهمة في حياة كل إنسان، كالزرع والمال والولد، ومن أهم أسباب كون الاستغفار من طرق مسامحة الله للعبد وهو أن بالاستغفار تكفر الذنوب فإن العبد الذي يطلب من الله أن يسامحه هو بحاجة لتكفير ذنوبه التي اقترفها، والطريق إلى ذلك يكون بكثرة الاستغفار واللجوء إليه في كل وقت وساعة، فقال الله تعالى ” ومن يعمل سوؤا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما”

قد يعجبك ايضا
تعليقات