القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

كيف نستمطر الرحمات الربانيه؟؟ ” الجزء الرابع “

93

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع كيف نستمطر الرحمات الربانيه ؟ ونجد أن مظاهر الرحمة وتجلياتها قد قلت وانحصرت بل كادت تغيب وتنعدم، وبسبب انتزاع الرحمة، قست القلوب، وتحجرت الأفئدة، وفسق الناس عن أمر الله، وانحرفوا عن الطريق القويم والصراط المستقيم، فكان ذلك مانعا رئيسيا من الموانع التي حالت دون تنزل الرحمات والبركات من رب العباد، فهلا استيقظنا من نومتنا؟ وهلا قمنا من غفوتنا؟ وهلا صحونا من سكرتنا؟ فإن من صفات المؤمنين المتقين استشعارهم لعظمة الله تعالى والخشية والخوف منه، فهم يخشون الله تعالى في السر والعلن، ويخافون كذلك من اليوم الذي يردون فيه إلى رب العالمين فيقفون أمامه للحساب والمساءلة، ولذلك فهم يتحرون في أعمالهم وأقوالهم ما يرضي الله سبحانه وتعالى ويتجنبون ما يغضبه من الأعمال والأقوال، وإن الخوف من الله تعالى يتضح جليّا حين يسهل على المسلم ارتكاب ذنب ما، فحينئذ يتبيّن المسلم التقي من المسلم ضعيف الإيمان، فيتميز المسلم التقي صاحب الإيمان القوى. 

 

بتغلبه على شهوات نفسه ونزواتها ويستطيع طرد وساوس الشيطان لأن خشيتة المسلم من الله تعالى غلبت رغبته وشهوته في إتيان الحرام، بينما يكون الإنسان ضعيف الإيمان مستسلما للمعاصي والآثام وغير آبه بما تجنيه يداه من محرمات، ولذلك كان الخوف من الله تعالى وخشيته هي من صفات المؤمنين المتقين، ولا شك بأن الخشية من الله تعالى هي جزء من الإيمان، والإيمان يزداد وينقص كما أكد على ذلك علماء العقيدة، ووجدت العديد من الطرق التي تساعد المؤمن على زيادة إيمانه وتقواه وزيادة خشيته من الله تعالى، ومما يحبه الله عز وجل أيضا أن يكون العبد سمحا في البيع، وسمحا في الشراء، وسمحا في القضاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم” إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، ويكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإِضاعة المال، وفي رواية مثله “غير أنه قال ويسخط لكم ثلاثا ولم يذكر ولا تفرقوا” 

 

ففي هذا الحديث بيان لما يرضى الله من عباده، وهي ثلاثة أمور ذكرها الحديث وهى عبادة الله وحده لا شريك له، والاعتصام بحبل الله، وألا يتفرق المؤمنون، ويكره الله سبحانه ثلاثة أمور وهى القيل والقال أي الكلام بما لا يفيد، وكثرة الاسئلة التي لا داعي لها، وإضاعة المال وإسرافه، ومما يحبه الله سبحانه ويرضى من عباده إدخال السرور على قلب مسلم، أو كشف البلاء عن مسلم، أو قضاء دين عن مؤمن، والابتعاد عما يغضب الله والابتعاد عن المعاصي التي حرمها الله، فالله سبحانه لم يمنع عن عبد شيء إلا كان فيه خير، وما أمر بشيء إلا كان فيه خير، وكذلك المحافظة على أركان الإسلام؛ وهي شهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمد رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان، وكذلك السعي لنيل رضا الوالدين فرضا الوالدين من رضا الله سبحانه، وعدم إيذاء الناس، وشتم الأخرين، والغيبة والنميمة، والإكثار من قول الحمد لله في السراء والضراء وعند المصائب فالله عندما يبتلي إنسان فهو يحبه. 

 

ويحب أن يسمع دعائه دائما، وبقدر ما يصبر العبد ويحمد ربه فإن الله سوف يفرجها عليه ويرزقه من حيث لا يحتسب، وكذلك المحافظة على الصلاة، وقرآءة القرآن، والصيام، وقيام الليل، والدعاء، وإن خشية الله تعالى هي من عبادات القلوب وإنما هي أجلّ عبادات القلوب إذ تجعل المسلم يكف عن ارتكاب الحرام ويجتنب النواهي التي نهى عنها الله عز وجل، وامتدح الله تعالى أهل خشيته وذكرهم في القرآن الكريم حيث قال تعالى ” إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون” وخشية الله تعالى هي خوف القلب ووجله من عذاب الله تعالى وحسابه ووعيده في الآخرة، لكن حال الخائف من ربه يختلف عمن يخاف الناس، فمن خاف أحدا من البشر هرب منه، لكن من خاف الله تعالى عاد إليه والتجأ إليه ليجد عنده الأمان والسكينة حيث قال الله تعالى ” ففروا إلى الله إنى لكم منه نذير مبين” فالفرار من الله تعالى يكون فرارا إليه بالتزام طاعته والقيام بالعبادات والتكاليف التي أمر بها، وأحوال العباد تختلف من حيث خشيتهم من الله تعالى. 

 

فإن هناك مسلم كامل الخوف من الله تعالى حيث دفعه خوفه إلى التزام طاعة الله تعالى، والابتعاد عن المعاصي والنواهي في كل شؤونه، وترك الشبهات والمكروهات، وهناك مسلم مقتصد بخوفه من الله تعالى بحيث يقوم بالفرائض ويحافظ عليها ويترك المحرمات، وهناك مسلم ناقص الخوف من الله تعالى بحيث إنه لم يقم بالواجبات التي أمره الله تعالى بها وأسرف على نفسه بارتكاب المحرمات، وقد ذكر العلماء عدة أعمال يقوم بها المسلم لتحقيق الخشية من الله تعالى، ومنها قراءة القرآن الكريم وتدبره ففي القرآن الكريم عدة معاني وآيات وعِبر تخشع لها القلوب وتلين لطاعة الله تعالى، حيث قال تعالى ” وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا” وكذلك استشعار عظم الذنب وحجمه لكونه بحق الله سبحانه وتعالى فهو الخالق الرازق المعطي، والمؤمن يخاف ارتكاب الذنب ويستعظمه حتى يظنه جبل يخاف أن يقع عليه لعظمه كما ورد في الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم وتقوى الله تعالى بإتيان الطاعات والاجتهاد في ذلك.

قد يعجبك ايضا
تعليقات