القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

يوم بدر دروس وعبر الجزء الرابع

90
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الرابع مع يوم بدر دروس وعبر، ولقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شهرى جمادى الأولى وجمادى الآخرة فى السنة الثانية للهجرة لاعتراض عير لقريش ذاهبة من مكة إلى الشام، فلما وصل مكانا يسمى ذا العشيرة وجد العير قد فاتته بأيام فلما اقترب رجوع العير من الشام إلى مكة، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد إلى الشمال ليقوما باكتشاف خبرها، فوصلا إلى منطقة تسمى الحوراء، ومكثا حتى مر بهما أبو سفيان بن حرب بالعير، فأسرعا إلى المدينة وأخبرا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخبر، وقد كانت هذه العير قافلة تجاريةً كبيرة قادمة من الشام تحمل أموالا عظيمة لقريش، وكان يقودها أبو سفيان، ويقوم على حراستها بين ثلاثين وأربعين رجلا، ولقد أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يسمى بسبس بن عمرو ليقوم بجمع المعلومات عن القافلة، فلما عاد بسبس بالخبر اليقين، ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه للخروج.
وقال لهم “هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها” ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعزم على أحد بالخروج، لأنه لم يكن يتوقع عند هذا الخروج أنه خارج للقتال في معركة مع قريش، ولذلك تخلف كثير من الصحابة في المدينة، ولم يُنكر على أحد تخلفه فى هذه الغزوة، ومن المؤكد أنه حين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة لم يكن فى نيته قتال، وإنما كان قصده عير قريش التى كانت فيها أموال كان جزء منها للمهاجرين المسلمين من أهل مكة، وقد استولت عليها قريش ظلما وعدوانا، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون من المدينة المنورة في اليوم الثانى عشر من شهر رمضان في السنة الثانية للهجرة، وعندما خرج المسلمون إلى بدر كلف رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أم مكتوم بالصلاة بالناس فى المدينة المنورة، ثم أعاد أبا لبابة الأنصارى من منطقة تسمى الروحاء إلى المدينة وعيَّنه أميرا عليها، وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنين من أصحابه إلى بدر.
وهما عدى بن الزغباء الجهنى وبسبس بن عمرو الجهنى طليعة للتعرف على أخبار القافلة، فرجعا إليه بخبرها، وقد كان عدد الصحابة الذين رافقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوته هذه إلى بدر بضعة عشر وثلاثمئة رجل، وقيل بأنهم ثلاثمئة وتسعة عشرة رجلا، وقيل أن عدد الصحابة البدريين ثلاثمئة وأربعون صحابيا، وقيل هم ثلاثمئة وثلاثة عشر أو أربعة عشر أو سبعة عشر، واحد وستون منهم من الأوس، ومئة وسبعون من الخزرج، والباقي من المهاجرين، وكانت قوات المسلمين في غزوة بدر لا تمثل القدرة العسكرية القصوى للدولة الإسلامية، ذلك أنهم إنما خرجوا لاعتراض قافلة واحتوائها، ولم يكونوا يعلمون أنهم سوف يواجهون قوات قريش وأحلافها مجتمعة للحرب، فلم يكن معهم إلا فرسان، فرس للزبير بن العوام، وفرس للمقداد بن الأسود الكندى، وكان معهم سبعون بعيرا، ونظرا لقلة عدد البعير مقارنة بعدد المسلمين، فإن المسلمين كانوا يتناوبون ركوب البعير، فقال ابن مسعود رضى الله عنه.
كنا يوم بدر كل ثلاثة على بعير، فكان أبو لبابة وعلي بن أبى طالب زميلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت عقبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالا نحن نمشى عنك، فقال “ما أنتما بأقوى منى، ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما” وقد كتم رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر الجهة التي يقصدها عندما أراد الخروج إلى بدر، حيث قال “إن لنا طلبة فمن كان ظهره حاضرا فليركب معنا” وبعد خروج المسلمين من المدينة في طريقهم إلى ملاقاة عير أبي سفيان، وصلوا إلى منطقة تسمى بيوت السقيا خارج المدينة، فعسكر فيها المسلمون، واستعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم من خرج معه فردَّ من ليس له قدرة على المضى والقتال من جيش المسلمين، ومنهم البراء بن عازب، وعبد الله بن عمر لصغرهما، وكانا قد خرجا مع جيش المسلمين راغبين وعازمين على الاشتراك فى الجهاد، ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم لواء القيادة العامة إلى مصعب بن عمير العبدرى القرشى، وكان هذا اللواء أبيض اللون، وقسم جيشه إلى كتيبتين.
كتيبة المهاجرين، وأعطى علمها علي بن أبي طالب، وكتيبة الأنصار، وأعطى علمها سعد بن معاذ، وجعل على قيادة الميمنة الزبير بن العوام، وعلى الميسرة المقداد بن عمرو، وكانا هما الفارسين الوحيدين في الجيش، وجعل على الساقة قيس بن أبى صعصعة، وظلت القيادة العامة فى يده هو صلى الله عليه وسلم، وفي أثناء سير رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه، التحق أحد المشركين راغبا بالقتال مع قومه، فردّه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال “ارجع فلن أستعين بمشرك” وكرّر الرجل المحاولة فرفض رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسلم الرجل والتحق بالمسلمين، ولما بلغ أبا سفيان خبر مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه من المدينة المنورة بقصد اعتراض قافلته واحتوائها، فبادر إلى تحويل مسارها إلى طريق الساحل، كما أرسل ضمضم بن عمرو الغفارى الكنانى إلى قريش ليستنفرهم لإنقاذ أموالهم وليخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض لها في أصحابه، فقد كان أبو سفيان يتلقط أخبار المسلمين.
ويسأل عن تحركاتهم، بل يتحسس أخبارهم بنفسه، فقد تقدم إلى بدر بنفسه، وسأل من كان هناك هل رأيتم من أحد؟ قالوا لا، إلا رجلين، قال أرونى مناخ ركابهما، فأروه، فأخذ البعر ففته فإذا هو فيه النوى، فقال هذا والله علائف يثرب، فقد استطاع أن يعرف تحركات عدوه، حتى خبر السرية الاستطلاعية عن طريق غذاء دوابها، بفحصه البعر الذى خلفته الإبل، إذ عرف أن الرجلين من المدينة أى من المسلمين، وبالتالي فقافلته في خطر، فأرسل ضمضم بن عمرو الغفارى الكنانى إلى قريش وغيَّر طريق القافلة، واتجه نحو ساحل بحر القلزم وهو البحر الأحمر حاليا، وقد وصل ضمضم بن عمرو الغفارى إلى مكة، وقد حول رحله وجدع أنف بعيره، وشق قميصه من قبل ومن دُبر، ودخل مكة وهو ينادى بأعلى صوته “يا معشر قريش، اللطيمةَ، اللطيمةَ، أموالكم مع أبى سفيان قد عرض لها محمد فى أصحابه، لا أرى أن تدركوها، الغوث، الغوث” فتحفز الناس سراعا، وقالوا أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمى؟ كلا.
والله ليعلمن غير ذلك، فكانوا بين رجلين إما خارج، وإما باعث مكانه رجلا، وأوعبوا في الخروج، فلم يتخلف من أشرافهم أحد سوى أبى لهب بن عبد المطلب الهاشمي القرشى، فإنه عوض عنه رجلا كان له عليه دين، ولم يتخلف عنهم أحد من بطون قريش إلا بني عدى، فلم يخرج منهم أحد، ولما فرغوا من جهازهم وأجمعوا على المسير تذكرت قريش ما كان بينهم وبين بنى بكر بن عبد مناة بن كنانة من الحرب، وكاد ذلك أن يثنيهم عن الخروج وقالوا إنا نخشى أن يأتونا من خلفنا، وكانت الحرب بين قريش وبنى بكر بن عبد مناة لدماء بينهم، ويعتقد المسلمون أن إبليس تمثل لهم على صورة سراقة بن مالك المدلجى الكنانى، وكان سراقة أحد أشراف كنانة، وقال لهم لا غالب لكم اليوم من الناس وأنا جار لكم من أن تأتيكم كنانة بشيء تكرهونه، فخرجوا سراعا، وقد نزل قول الله تعالى فى القرآن الكريم يصف هذه الحادثة، فقال الله تعالى ” وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإنى جار لكم فلما ترأت الفئتان نكص على عقبيه وقال إنى بريء منكم إنى أرى ما لا ترون إنى أخاف الله والله شديد العقاب”
قد تكون صورة لـ ‏شخص واحد‏
<img class="j1lvzwm4" src="data:;base64, ” width=”18″ height=”18″ />
Tarek Darweesh
٣ تعليقات
قد يعجبك ايضا
تعليقات