القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نظرة تأمل مع شهر رمضان ” الجزء الثانى “

85

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

نكمل الجزء الثانى مع شهر رمضان، وعن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال” إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وسلسلت الشيطان ” رواه مسلم والترمذى وابن ماجه، وعن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال” إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وينادى مناد يا باغي الخير أقبل، ويا باغى الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة” رواه البخارى، وعن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ” من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه” رواه البخارى، ومسلم، وعنه صلى الله عليه وسلم “أنه كان فى الغالب لا يزيد فى رمضان ولا فى غيره على إحدى عشرة ركعة يصلى أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلى أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا” 

 

وثبت عنه صلى الله عليه وسلم” أنه في بعض الليالي صلى ثلاث عشرة ركعة” وليس فى قيام رمضان حد محدود لقول النبى صلى الله عليه وسلم لما سئل عن قيام الليل قال” مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة واحدة توتر له ما قد صلى” رواه أحمد، ولم يحدد صلى الله عليه وسلم للناس في قيام الليل ركعات محدودة، بل أطلق لهم تلك، فمن أحب أن يصلي إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، أو ثلاثا وعشرين، أو أكثر من ذلك أو أقل فلا حرج عليه، ولكن الأفضل هو ما فعله النبى صلى الله عليه وسلم وداوم عليه فى أغلب الليالي، وهو إحدى عشرة ركعة مع الطمأنينة فى القيام والقعود والركعوع والسجود وترتيل التلاوة، وعدم العجلة، لأن روح الصلاة هو الإقبال عليها بالقلب والخشوع فيها، وأداؤها كما شرع الله بإخلاص وصدق ورغبة ورهبة وحضور قلب، وقال النبي صلى الله عليه وسلم وجعلت قرة عينى فى الصلاة، وقال صلى الله عليه وسلم للذى أساء في صلاته.

 

“إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها” رواه البخارى ومسلم، وإن كثير من الناس يصلى فى قيام رمضان صلاة لا يعقلها ولا يطمئن فيها بل ينقرها نقرا وذلك لا يجوز بل هو منكر لا تصح معه الصلاة، فالجواب الحذر من ذلك، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال” أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته قالوا يا رسول الله، كيف يسرق صلاته؟ قال صلى الله عليه وسلم” لا يتم ركوعها ولا سجودها” رواه أحمد والحاكم، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر الذى نقر صلاته أن يعيدها، فعلى المسلمين اغتنام هذا الشهر العظيم وتعظيمه بأنواع العبادات والقربات، فهو شهر عظيم جعله الله ميدانا لعبادة يتسابقون إليه فى بالطاعات ويتنافسون فيه بانواع الخيرات، والإكثار فيه من الصلوات والصدقات. 

 

وقراءة القرآن الكريم والإحسان إلى الفقراء والمساكين والأيتام، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون فى رمضان، وعلى المسلمين كذلك حفظ صيامهم عما حرمه الله عليهم من الأوزار والآثام، فقد صح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال “من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه” رواه البخارى، وقال صلى الله عليه وسلم “الصيام جنة، وإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ سابه أو شتمه فليقل إني صائم” وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال” ليس الصيام عن الطعام والشراب وإنما الصيام من اللغو والرفث” رواه الحاكم والبيهقى، وقال جابر بن عبدالله الأنصارى رضي الله عنهما إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار وليكن عليك وقار وسكينة ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء، فينبغى للصائم الإكثار من الصلوات والصدقات والذكر والاستغفار، وسائر أنواع القربات في الليل والنار. 

 

اغتناما للزمان ورغبة في مضاعفة الحسنات، ومرضاة فاطر الأرض والسموات، الحذر من كل ما ينقص الصوم، ويضعف الأجر، ويغضب الرب عز وجل من سائر المعاصى، كالتهاون بالصلاة والبخل بالزكاة وأكل الربا وأكل أموال اليتامى، وأنواع الظلم وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، والغيبة والنميمة، والكذب، وشهادة الزور، والدعاوى الباطلة، والأيمان الكاذبة، وتبرج النساء، وعدم تسترهن من الرجال، والتشبه بنساء الكفرة في لبس الثياب القصيرة، وغير ذلك مما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم وهذه المعاصى محرمة في كل زمان ومكان، ولكنها في رمضان أشد تحريما، وأعظم إثما، لفضل الزمان وحرمته، وإن من أقبح هذه المعاصى وأخطرها على المسلمين ما ابتلى به كثير من الناس من التكاسل عن الصلوات والتهاون بأدائها فى الجماعة في المساجد، ولا شك أن هذا من أقبح خصال أهل النفاق ومن أسباب الزيع والهلاك، فقال النبى صلى الله عليه وسلم “من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر” 

 

رواه ابن ماجة وابن حبان والحاكم، وقال له صلى الله عليه وسلم رجل أعمى يا رسول الله إنى بعيد الدار عن المسجد وليس لى قائد يلائمنى، فهل لى من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبى الكريم صلى الله عليه وسلم “هل تسمع النداء للصلاة؟” قال نعم، قال “فأجب” وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وهو من كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة في الجماعة إلا منافق معلوم النفاق أو مريض، وقال رضي الله عنه لو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ومن أخطر المعاصي اليوم أيضا ما بلي به الكثير من الناس من استماع الأغاني وآلات الطرب وإعلان ذلك في الأسواق وغيرها، ولا ريب أن هذا من أعظم الأسباب فى مرض القلوب وصدها عن ذكر الله وعن الصلاة وعن استماع القرآن الكريم والانتفاع به، ومن أعظم الأسباب أيضا في عقوبة صاحبه بمرض النفاق والضلال عن الهدى، ولقد فسر أهل العلم لهو الحديث. 

 

بأنه الغناء وآلات اللهو وكل كلام يصد عن الحق، وقال النبى صلى الله عليه وسلم ليكونن من أمتى أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف” رواه البخارى وأبو داود، والحر هو الفرج الحرام والحرير معروف والخمر هو كل مسكر والمعازف هي الغناء وآلات الملاهى كالعود والكمان وسائر آلات الطرب، والمعنى أنه يكون في آخر الزمان قوم يستحلون الزنا ولباس الحرير وشرب المسكرات واستعمال الغناء وآلات الملاهى، وقد وقع ذلك كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من علامات نبوته ودلائل رسالته صلى الله عليه وسلم، وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه” إن الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع” فاتقوا الله أيها المسلمون واحذروا ما نهاكم الله عنه ورسوله، واستقيموا على طاعته في رمضان وغيره، وتواصوا بذلك وتعاونوا عليه لتفوزوا بالكرامة والسعادة والعزة والنجاة فى الدنيا والآخرة، وإن المصيبة إذا أشغل اللهو عن الطاعة.

قد يعجبك ايضا
تعليقات