القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

فى طريق الهدايه ومع منهيات رمضان الجزء الثامن

95

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع منهيات رمضان، وقد توقفنا عندما قلنا أنه من الأخطاء هو الانشغال بالمبادرة إلى الطعام والشراب عند سماع أذان المغرب فلا يردد المرء الأذان مع المؤذن، وفي الحديث المرفوع فى الصحيحين ” إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن” رواه البخارى ومسلم، فيضيع على الصائم ثواب الترديد، والكثيرون يتركون صلاة المغرب فى المسجد فى جماعة، في رمضان بحجة تناول الإفطار، وهذا خلاف هديه صلى الله عليه وسلم، فيتناول الصائم ما يذهب عطشه، ويسد جوعه، ويصلى فى جماعة المسجد، ويعود لبيته فيستكمل طعامه وشرابه، فينال ثواب الجماعة مع ما فى ذلك من إراحة معدته، والتدرج بها على ألا يملأ معدته بالطعام فيثقل عليه قيام الليل، والاجتهاد بالعبادة فيه، وإن من الأخطاء أيضا هو ترك الركعتين السنة البعدية بعد صلاة العشاء وهي سنة مؤكدة فى رمضان وغيره، والكثيرون يصلون العشاء، ثم يقومون لصلاة التراويح فلا يصلوا ركعتى سنة ما بعد صلاة العشاء.

 

ويغفلون عنها طوال شهر رمضان، مع مواظبتهم عليها في غير رمضان، وكذلك من الأخطاء في صلاة التراويح، هو حمل المأمومين للمصاحف ينظرون فيها متتبعين فيها ما يقرأ الإمام بهم في الصلاة، فيترك المصلي ما أمر به من وضع يده اليمنى على يده اليسرى فى الصلاة، كما في الحديث عن سهل بن سعد رضى الله عنه قال ” كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى فى الصلاة، قال أبو حازم، لا أعلمه إلا ينمى عن ذلك إلى النبى صلى الله عليه وسلم ” رواه البخارى، وينشغل بحمل المصحف ووضعه، وتقليب صفحاته، والواجب عليه الاستماع والإنصات لقراءة الإمام، والانشغال بتدبر وفهم ما يسمع، ومما يحتاج لتصحيحه قولهم “رمضان كريم” فيقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن هذه الكلمة “حكم ذلك أن هذه الكلمة “رمضان كريم” غير صحيحة، وإنما يقال “رمضان مبارك” أو ما أشبه ذلك لأن رمضان ليس هو الذى يُعطي حتى يكون كريما، وإنما الله تعالى هو الذى وضع فيه الفضل.

 

وجعله شهرا فاضلا، ووقتا لأداء ركن من أركان الإسلام” ومما يحتاج للتصحيح ما اعتاده الناس من طبع إمساكيات رمضان وفيه تقاويم الشهر، وفيه توقيت للإمساك، ويجعل قبل أذان الفجر بنحو عشر دقائق أو ربع ساعة، والإمساك قبل الأذان بوقت هو زيادة على ما فرض الله تعالى على عباده، وفاعله متنطع، وفى الحديث المرفوع عن السيدة عائشة رضي الله عنها ” أن بلال كان يؤذن بليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” وكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر” رواه البخارى ومسلم، وهذا الحديث بيان للمراد بالخيط الأبيض من الخيط الأسود في قوله تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ” ومن الأخطاء الشائعة هو تخفيف صلاة التراويح، والإسراع فى قراءة القرآن فيها، بل ربما لا يكون فيها اطمئنان وخشوع، فضلا عن تدبر ما يقرأ فيها، أو الإطالة والمبالغة في دعاء القنوت مع السجع فيه.

 

والتزام أدعية معينة خاصة عند ختم القرآن مما لم يثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم وعن صحابته الكرام رضي الله عنهم، ومن الأخطاء الشائعة أيضا هو تسميتهم آخر جمعة من رمضان “الجمعة اليتيمة” وتخصيصها بأمور وأحوال، كقول الخطباء على المنابر “لا أوحش الله منك يا شهر رمضان، لا أوحش الله منك يا شهر القرآن، يا شهر المصابيح، يا شهر التراويح، يا شهر المفاتيح” ونحو ذلك، ومن الأخطاء الشائعة المتعلقة بليلة القدر، هو الجزم للعوام بأنها ليلة كذا، مع ما في ذلك من الخلاف، وما يصاحب تلك الليلة عندهم من الاحتفالات، والخطب، والقصائد والمدائح، والانشغال بذلك عن قيامها، والتعبد فيها، واعتقاد علامات لها لم تثبت شرعا، كاشتراط نزول المطر فيها، ورؤية منامات ونحو ذلك، ومن الأخطاء الشائعة أيضا، هو الإسراف في الإنفاق على أنواع الأطعمة والأشربة، والفواكه، والحلويات المختلفة، والمخللات وفواتح الشهية، حتى صارت النفقة فى رمضان على ذلك أضعاف ما ينفق في غيره من الشهور.

 

وكذلك ختم الشهر بعمل أنواع من الكعك والبسكويت ليوم العيد، وربما استدان المرء لذلك وانشغل أهل البيت صغارا وكبار بصنع ذلك عن التعبد، والذكر، وقراءة القرآن في ليالى العشر الأواخر من رمضان، وغالب ذلك من الإسراف المذموم والرياء بين الناس، وإن من الأمور المؤسفة هو ما يتهاون فيه الكثيرون من الكبائر، كترك إخراج الزكاة لسنوات عديدة، وترك أداء الحج مع القدرة المالية والبدنية عليه، والتعامل بالربا، وعدم المواظبة على الصلوات المكتوبة، أو قصر أداءها على رمضان، والجمع، أو التردى في الغيبة، والنميمة، والرشوة، والغش، ونحو ذلك من كبائر الأمور المنهى عنها، والتي بها يفقد المرء ثواب صيامه، فلا ينتفع بالامتناع عن المفطرات من أذان الفجر إلى أذان المغرب إلا بإسقاط فريضة الصيام عنه فلا يطالب بقضاء، ولكنه يوم القيامة من أصحاب الكبائر المستحقين لدخول النار بركن لم يؤده، أو بكبيرة لم يتب منها، ولو ترك هذا الصيام لزادت بذلك كبائره كبيرة، وإن من الأخطاء المتعلقة بمجيء رمضان.

 

فى الإجازات الصيفية ونحوها من الإجازات، وهو السفر للفسحة والتنزه، والاصطياف بأماكن ومنتجعات ومتنزهات وشواطئ تـُقترف فيها المعاصى من الاختلاط بين الجنسين، والتعري، ونحو ذلك، ومع ترك الصيام، وقصر الصلاة بدعوى أن للسفر رخصة، وقد بيّن الفقهاء أن السفر الذى فيه الرخصة بذلك ما ليس سفر معصية، كسفر واجب أو مندوب أو مباح، أما سفر المعصية فلا يترك فيه صيام رمضان ولا تقصر فيه الصلاة لما فى ذلك من الإعانة على المعصية، ومما يكثر في الإجازات هو السهر طوال الليل على المقاهي، أو الكورنيش، أو أمام التلفاز، أو مع الأصدقاء فيما لا يفيد، حتى وقت تناول السحور، ويعقبه نوم طويل في النهار، وربما إضاعة صلاة الفجر جماعة أو في وقتها، وفي الحديث المرفوع “أنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبالى بعض تأخير صلاة العشاء إلى نصف الليل وكان لا يحب النوم قبلها ولا الحديث بعدها” رواه البخارى ومسلم، وقال النووى رحمه الله “واتفق العلماء على كراهة الحديث بعد العشاء إلا ما كان في خير”

 

فإن السهر على القيل والقال، وما لا فائدة فيه، أو على اللهو واللعب والمعاصي، ومتابعة المسلسلات، والأفلام الخليعة، وما يأتى عن طريق البث التليفزيونى بواسطة الدشوش، كل ذلك سهر حرام فى رمضان وغيره، وفى رمضان أشد تحريما لحرمة الزمان، ولأنه بهذا السهر تضيع أوقات في الليل والنهار، وقد ينام في النهار عن أداء الصلوات في وقتها بسبب السهر في الليل، والله جعل الليل للنوم، وجعل النهار للعمل، وهؤلاء عكسوا الأمر، وخالفوا ما طلب منهم، وضيعوا أوقاتهم بالسهر بالليل والنوم بالنهار” وكل سهر أدى إلى الوقوع في محرم فهو محرم، أما السهر في طاعة الله، أو في مصالح المسلمين ما لم يترتب عليه ضياع واجب، أو فوات مصلحة أرجح فهو سهر محمود، وإن من مخالفات بعض النساء في رمضان وهى أن تحرج الحائضات منهن أو النفساء من الأكل والشرب في نهار رمضان، فلا يأكلن إلا قليلا أو يتناولن لقمة قبل أذان المغرب بقليل تأكيدا لعدم الصيام وهذا تنطع خاصة من نفساء مرضع تحتاج إلى التغذية الجيدة.

قد يعجبك ايضا
تعليقات