القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نفحات إسلامية ومع الإستعداد لشهر رمضان الجزء الثامن عشر

88

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن عشر مع الإستعداد لشهر رمضان، وعن سهل بن سعد الساعدى رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن في الجنة بابا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل معهم أحد غيرهم، يقال أين الصائمون؟ فيدخلون منه، فإذا دخل آخرهم، أغلق فلم يدخل منه أحد “رواه البخاري ومسلم، وعن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول “من صام يوما في سبيل الله، بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا ” رواه البخاري ومسلم، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “عمرة في رمضان تعدل حجة “رواه البخارى، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة” رواه البخارى ومسلم.

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال” قال الله عز وجل كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث يومئذ ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله، يوم القيامة، من ريح المسك ” رواه البخاري ومسلم، وقد أتاكم رمضان، شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، ولله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حُرم” أخرجه النسائى، وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل فكان يشوق أصحابه إلى رمضان، كما قيل له حرض المؤمنين على القتال، كذلك يشوق المؤمنين إلى مواسم الطاعة، فيقول” أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله صيامه، تفتح فيه أبواب السماء بين فرضيته، بين قدومه، بين ميزاته، تفتح فيه أبواب السماء، تغلق فيه أبواب الجحيم، تغل فيه مردة الشياطين.

 

وهذه هى الإعانة على العبادة تصفيد المردة لأجل تمكين الناس من الإقبال، فإن المردة يحولون بينهم وبين الطاعة، والله قد هيأ لنا الأسباب بقي العمل منا، لله فيه ليلة خير من ألف شهر لتشتاق النفوس للعمل، ولتتهيأ وتزداد في مضاعفة الجهد في هذا الشهر، وأما عن حكم التهنئة باستقبال شهر رمضان، فإنها طيبة، فقال ابن رجب رحمه الله “هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضا بشهر رمضان، وكيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان، وكيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران، وكيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشياطين، وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن هذا فقال طيبة ويعني التهنئة، وهى التهنئة بدخول رمضان لأنه شيء في النفوس يعتلج في النفس، ولذلك فإن البوح به والإخبار، إنه من الطاعات، إن الناس كانوا فيما مضى يتراءون الهلال من شوقهم لرمضان ويتراءون ويحاولون أن يروا الهلال.

 

وهذه سنة مختفية في هذا الزمن المتأخر، فيقول تراءى الناس الهلال، أى إنهم يخرجون لرؤيته، وإنهم يبحثون عنه، فإن النفوس متلهفة والقلوب مقبلة، ولذلك العيون والأبصار متطلعة، تريد أن ترى الشهر، وتراءى الناس الهلال، وهى سنة البحث عن الهلال، فإنها اشتياق لرمضان، وهكذا فإن التحرى لهلال هذا الشهر ليس مقصورا على ناس معينين توكلهم المحكمة، لا، تراءى الناس الهلال يعني كل الناس، فلو أن إنسانا عرف من أين يخرج الهلال، وقبل كم من غروب الشمس يكون موجودا، وفي أي ناحية من السماء، وعلى أى درجة يكون مرتفعا، وكيف يكون شكله، وفتحة الهلال إلى أي جهة، إنه يستعين بهذه المعلومات على الترائى لأن الشخص العادى لا يعرف في أي جهة يظهر الهلال، ولا في أي مكان، ولا الساعة كم، ولا عادة قبل مغيب الشمس بكم، ولا يدري هل هو أصلا قبل مغيب الشمس، أو بعد مغيب الشمس، فالتحري لهذا الهلال من أدلة الاشتياق للعبادة، وأيضا فيه إعانة على الطاعة لأن إخبار المسلمين بعضهم بعضا.

 

بهذا الدخول، ضبط الشهر مطلوب شرعا، وضبط الشهر واجب، أمر النبى صلى الله عليه وسلم بالتحري، وقد أمر بالتحرى، وإن من الاستعدادات أيضا هو قضاء ما فات قبل دخول رمضان، وكثير من الناس عليهم أيام فيما مضى من رمضان، وقد يكون بعض ذلك بعذر متصل، وقد يكون العذر انتهى من زمان، لكنه لم يصم ما فات، فليبادر قبل فوات الأوان، بعضهم أخر لعذر، وبعضهم أخر لغير عذر، ولذلك من دخل عليه رمضان وما صام ما فاته فإنه يجب عليه بعد انقضاء رمضان قضاء ما فات من رمضان الذي قبله، وإطعام مسكين عند كثير من العلماء مذهب مالك والشافعي وأحمد أخذا بفتوى عبد الله بن عباس رضى الله عنهما وأبي هريرة رضى الله عنه في ذلك وهو إطعام مسكين زائد القضاء مع التوبة من التأخير ومن كان عذره متصلا أو عذرها متصلا كامرأة حامل ثم وضعت فصارت نفساء، ثم أرضعت فاتصل عذرها حتى دخل رمضان الجديد، فليس عليها إلا القضاء فقط، ومريض امتد مرضه حتى دخل رمضان الجديد.

 

فليس عليه إلا القضاء فقط بعد أن يعافيه الله، ويدخل رمضان على ناس مرضى، فهذا عنده فشل كلوي، وهذا عنده قرحة في المعدة، وهذا عنده صرع، وهذا عنده أشياء وأشياء مما يحول بينه وبين الصيام، ألا فليعلم هؤلاء المعذورون أن أجرهم عند الله لا ينقص، إذا كان عندهم عزيمة على الفعل، ومنعوا بشيء قهرى، فإن أجرهم مكتوب عند رب العالمين، ما قطعتم واديا، ولا سرتم مسيرا إلا هم معكم لماذا؟ حبسهم العذر، وإن من التشويق لرمضان أن نمنع من الصيام قبله بيوم أو يومين، وهذا من سد ذرائع الزيادة في العبادة، فحتى لا يزاد فيه ما ليس منه، منعنا من تقدم رمضان بيوم أو يومين، إلا أصحاب القضاء، إلا أهل العادة الذين لهم عادة يصومونها كصيام الاثنين والخميس، فلو وافق آخر شعبان اثنين أو خميس، أو رجل يصوم يوما ويفطر يوما، فإنه في هذه الحالة يكمل على عادته، وإن الاستعداد لرمضان هو التشوق إليه، ومن التشوق أن نمنع من الصيام قبله بيوم أو يومين، ويوم الشك قد نهينا عنه، فقيل أنه “من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم”

 

وأما عن اليوم الذى لا يدرى هل هو من شعبان أو من رمضان، فهو الثلاثون من شعبان، أو واحد رمضان، إلا كما قلنا لمن يقضي، أو كان له عادة بالصيام، فإن من النساء من تستعد لرمضان بحبوب منع العادة الشهرية، وتقول أريد صيامه كاملا، وأصوم مع الناس، وأصلي مع الناس، ولا أريد أن أنقطع ولا يوم، فنقول ألا ترضين بما رضي الله منك، ألم يرض الله منك بالفطر في أيام العادة والقضاء بعد ذلك، وأجرك كامل ولا نقص فيه؟ ولذلك فلا حاجة إلى تعاطى حبوب فيها ضرر على الجسد، وفيها لخبطة للعادة، وفيها اضطراب، وإنما هو رضا بالقضاء، والرضا بالقضاء أجره عظيم جدا، فرضا المرأة بما قدّر الله عليها من هذه العادة، ومن النفاس، فيه أجر كبير، وكذلك فإن من الاستعداد لهذا الشهر أن نعلم أنه كان بالنسبة للمسلمين كان شهر أمجاد، ونحن نستجر من الماضى ما نعزز به العزة في نفوسنا في زمن الذل الذى نحن فيه، لكن يتذكر المسلم أن هناك جهادا عظيما كان في رمضان، فغزوة بدر كانت فيه، وحفر الخندق كان فيه.

قد يعجبك ايضا
تعليقات