القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

عالم وفكرة” الجزء الثالث”

118

كتب د/بدران رياض

 

العالم : الإمام الفقيه الحكيم المفسر أبو الحسن الماوردي.
والفكرة : الآثار الضارة الناجمة عن اتباع الهوى
العقل عند الماوردي سبيل موصل للبعد عن المرذولات الأخلاقية والابتعاد عن الشرور والفساد فهو على حد تعبيره أس الفضائل أي أساس متين تبني عليه الفضائل الخلقية.
أما الهوى فهو مضاد للعقل أي منازعه الذي ينتج القبائح والرذائل وقد عبر عنها الماوردي بالفضائح التي تشين بالإنسان وتهدر أدميته ومكانته في مجتمعه مع أن الهوى ميل الطبع إلى ما يلائمه، وهذا الميل خلق في الإنسان لضرورة بقائه ولكن أكثر الناس يسايرونه إلى أبعد الحدود فيصل بهم المدى إلى اتخاذ هذا الهوى إله من دون الله في الطاعة والخضوع كما هو صريح القرآن الكريم :” أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ ” (الجاثية 23).
فإذا اشتاقت نفس الإنسان لفعل أو شهوة ارتكبها غير مبال بعواقبها في الدنيا والآخرة فيكون قد ساير هواه فيورده طريق المهالك و يسلك به في شعب الضلالة ويبعده عن الاستقامة
والعلاج الأكيد الذي يقدمه الماوردي لمحاربة الهوى استعمال العقل في النظر في العواقب وشدة الضرر الناجم عن اتباع الهوى والنظر إلى قبح الأثر لأنه سبيل المجرمين والحجب التي تحدث للقلب من تراكم الذنوب وتمنعه رضا الحق تبارك وتعالى
فتحكيم الشهوات على حد تعبير الماوردي عاجلها ذميم وآجلها وخيم أي مذمومة في الدنيا موصوف صاحبها بالقبح والذم أما في الآخرة فيتعرض صاحبها للحساب الثقيل ومن ثم العذاب الأليم
والنتيجة المترتبة على استعمال العقل استعمالا صحيحا وانقياد النفس لحكم العقل وحسن النظر في العواقب الناجمة عن اتباع الهوى وكذا السير وراء شهوات النفوس هو مجاهدة النفس وردعها عن اتباع الهوى لسيرها في طريق السلامة فتكون النهاية المأمولة “:وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى”(النازعات 40) لأن ردع النفس عن هواها المحرم سبيل موصل إلى الجنة
فالشرور التي تملأ الدنيا وتسبب الصراعات الأثيمة بين البشر جميعا سببها الرئيس اتباع جل البشر لأهوائهم وسلوكهم مسلك الأنانية وعشق الذات ولهذا أشار الماوردي إلى أن محن الدنيا مقارنة ومصاحبة لاتباع الهوى والربط الوثيق بين الأهواء والشهوات.
ولا نحتاج إلى كبير عناء لنعرف أن الشهوة نتيجة حتمية للهوى بل يكاد ينطق الماوردي بأن انهيار الحضارات والعذاب النازل على أمم الأرض الهالكة سببه الأكيد الانتصار للأهواء والتخلي عن منطق العقل الذي يحض على اتباع الرسل وفيه النجاة .
ولهذا فطن علماء السلف الصالح فأطلقوا على كل مخالف لدعوة الرسل بأنهم أهل أهواء وأهل الغفلة يسمونهم (عقلانيين ) فما أفهم علماء السلف وما أقبح أهل الغفلة

قد يعجبك ايضا
تعليقات