القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نبذه عن ما بين الزواج والطلاق

210

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

إن النكاح هو الأسلوب الأمثل للحفاظ على النوع الإنساني، وقد خلقه الله تعالى لاستمرار الحياة البشرية، فجعل اتصال الرجل بالمرأة اتصالا كريما مبنيا على طلبه ورضاها، وعلى إشهاد أن كلا منهما أصبح للآخر، وبهذا وضع للغريزة سبيلها المأمونة، وحمى النسل من الضياع، وصان المرأة عن أن تكون كلأ مباحا لكل راتع، ووضع نواة الأسرة التي تحوطها غريزة الأمومة، وترعاها عاطفة الأبوة، فتنبت نباتا حسنا، وتثمر ثمارها اليانعة، وهذا النظام هو الذي ارتضاه الله تعالى، وأبقى عليه الإسلام، وهدم كل ما عداه، وقد قالت السيدة عائشة رضي الله عنها “كان النكاح في الجاهلية على أربعة أنحاء”وهم نكاح الناس اليوم، وهو أن يخطب الرجل إلى الرجل وليته، أو ابنته، فيصدقها، ثم ينكحها، ونكاح آخر، فكان الرجل يقول لامرأته إذا طهُرت من طمثها، أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه، ويعتزلها زوجها حتى يتبيّن حملها، فإذا تبيّن، أصابها إذا أحب، وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد، ويُسمّى هذا نكاح الاستبضاع، وهناك نكاح آخر، وهو أن يجتمع الرهط على المرأة، فيدخلون عليها، كلهم يصيبها، فإذا حملت ووضعت ومرّ عليها ليالى، أرسلت إليهم، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع.

حتى يجتمعوا عندها فتقول لهم قد عرفتم ما كان من أمركم، وقد ولدت، فهو ابنك يا فلان، وتسمّي من أحبت باسمه، فيلحق به ولدها، لا يستطيع أن يمتنع منه الرجل، وأنه كان هناك نكاح رابع، وهو أن يجتمع ناس كثير، فيدخلون على المرأة، لا تمتنع ممن جاءها وهن البغايا، وينصبن على أبوابهن رايات تكون علما، فمن أرادهن دخل عليهن، فإذا حملت إحداهن ووضعت، جمعوا لها ودعوا لها القافة، ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون، فالتاط به، ودُعي ابنه لا يمتنع من ذلك، فلما بُعث بالنبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بالحق، هدم نكاح الجاهلية كله إلا نكاح الناس اليوم” وإن الزواج كما شرعه الإسلام سنة دينية، ومأرب نفسي، وضرورة اجتماعية، يتوقف عليها بقاء النوع، وخلود الأثر، وتنظيم الغريزة، واستقرار العاطفة، واستمرار الحياة، وهو الوسيلة المشروعة لتكوين النشء، وإيجاد البيئة الملائمة لتربيته وتقويمه وإعداده، ليقوم بدوره الذي خلقه الله تعالى من أجله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء” والأمر يقتضي الوجوب، فقد أراد عثمان بن مظعون أن يتبتل.

فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، والنهي عن التبتل دليل على وجوب الزواج وقد رغّب الإسلام في الزواج، ولفت الأنظار إلى ثمراته المرجوّة وأهدافه النبي صلى الله عليه وسلم لة، وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم المرأة الصالحة خير متاع الدنيا، فقال صلى الله عليه وسلم ” الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة ” ولا يُقال إن في الحديث ذمّا للمرأة، لأنه جعلها متاعا، فالله تعالى جعل الدنيا كلها متاعا، فقال سبحانه وتعالى فى سورة آل عمران ” وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ” وقد جعل المرأة خير متاع الدنيا، فكأنه جعل المرأة خير ما للرجل في الدنيا، وقد وعدّ الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم المرأة الصالحة من أسباب سعادة الإنسان، فقال صلى الله عليه وسلم “من سعادة ابن آدم ثلاثة، ومن شقوة ابن آدم ثلاثة، من سعادة ابن آدم، المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح، ومن شقوة ابن آدم، المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء” فيجب علينا أن نختار الزوجة الصالحه ذات الدين، وكذلك المرأه تختار الزوج الصالح صاحب الدين والخلق، وكذلك فأنه لا يصح الانجراف وراء رغبة البنت إذا كان الخاطب غير كفء في الدين والخلق، إذا كان لا يرضى دينه ولا خلقه، ولم يرد في الحديث أي شرط للخاطب غير الدين والخلق.

وإن من خطوات الشيطان في أمور النكاح هو المغالاة في المهور، والمفاخرة فيها، والزيادة في إدخال أشياء جديدة في المهر من أمور الشبكات، والصالات، وهى أمور تزيد الأمر كلفة وصعوبة، حتى صار المهر في الوقت الحاضر مما يتعسر، أو يتعذر على كثير من الناس، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن من يمن المرأة تيسير خطبتها، وتيسير صداقها وتيسير رحمها ” وقال عروة، يعني تيسير رحمها للولادة، وحتى القادرين على دفع المهور العالية ينبغي عليهم أن لا يغالوا في دفعها، ولا يباهوا ويفاخروا في الزيادة فيها ابتغاء البركة، فإذا دخل بزوجته أعطاها بعد ذلك ما شاء، وحتى لا يتسبب في حمل الآخرين على مباراته وتقليده، وقد صح عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قوله “لا تغلوا في صداق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا” أى لو كان من المكرمة في الدنيا أن يرتفع صداق المرأة، أو تقوى عند الله كان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم، وما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته، ويقول عمربن الخطاب ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية.

وقد اقترح بعض أهل العلم لتسهيل الأمر تأجيل بعض المهر، وذلك بأن يقدم منه ما تدعو الحاجة إليه الآن للتجهيز، ويبقى الباقي في ذمة الزوج، وفي هذا تسهيل على الزوج ومصلحة للزوجة، وقال بعض أهل العلم ولقد أعجبني رجلان فاضلان، فأما أحدهما فخطبت ابنته فاشترط على الخاطب أن لا يدفع مهرا إلا كذا، وسمى له شيئا يسيرا برضا الزوجة، وأما الثاني لما دفع إليه المهر أخذ منه أبو الزوجة برضا الزوجة ما يمكن تجهيزها به تجهيزا معقولا، ثم رد الباقي عليه، وهكذا تكون الرجولة، وتقدير المسئولية والنظر في العواقب، فماذا تستفيد يا أيها الأب إذا كان زوج ابنتك مديونا لسنوات طويلة بعد زواجه يكدح، ويشقى نفسيا وماديا لكي يعوض، ويقدم، ويسدد الديون التي تراكمت عليه بسبب اشتراطك لذلك المهر، فعن سهل بن سعد قال ” أن امرأة عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم فأعرض عنها النبي صلى الله عليه وسلم ليس له بها رغبة، فقال رجل من الأنصار يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، فقال صلى الله عليه وسلم ما عندك؟ قال ما عندي شيء، فقال صلى الله عليه وسلم اذهب فالتمس شيئا، فرجع الرجل يقول ما وجدت شيئا، فقال صلى الله عليه وسلم.

“اذهب فالتمس ولو خاتما من حديد، فذهب ثم رجع فقال لا والله ما وجدت شيئا ولا خاتما من حديد، لا ليلبس ولكن مهر، ولكن هذا إزاري ولها نصفه، قال سهل الراوي ” وما له رداء” فكان فيهم فقر، فلم يفتنوا بالحياة الدنيا، هذا الرجل ليس له إلا إزار يواري عورته وليس له رداء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم وما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليك منه شيء، وإن لبسته لم يكن عليها منه شيء فجلس الرجل محزونا، حتى إذا طال مجلسه قام وغادر المجلس، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فدعاه فقال صلى الله عليه وسلم ماذا معك من القرآن؟ فقال معي سورة كذا وسورة كذا لسورة يعددها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” أملكناكها بما معك من القرآن، أملكناكها وزوجناكها، ومهرها أن تعلمها ما تحفظه من القرآن، وهذا الحديث يدل على اشتراط المهر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أكد على الرجل أن يلتمس ويدل على أنه يجوز إذا لم يوجد مهر أن يكون المهر تعليم المرأة شيئا من أمور الدين أو تحفيظها شيئا من القرآن يحفظه الرجل، أما في الأحوال التي يكون فيها مال فإن المهر لا بد منه وهو حق من حقوق المرأة، وهكذا فإن الزواج عبادة يحصّن الإنسان بها فرجه، ويغض بها طرفه.

ويستكمل بها دينه، وفي الحديث الشريف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من رزقه الله امرأة صالحه فقد أعانه الله على شطر دينه، فليتق الله فى الشطر الثانى ” فالزواج أمر فطري تقتضيه طبيعة الأشياء في تكاثرها وتوالدها، فقال تعالى فى سورة الذاريات ” ومن كل شئ خلقنا زوجين اثنين ” والمرأة الصالحة هي خير ما يحصل عليه المؤمن بعد تقوى الله تعالى، وفي الحديث الشريف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرّته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله” وإنما حضّ الإسلام على النكاح ورغّب فيه، لما له من آثار نافعة تعود على الفرد نفسه، وعلى الأسرة والأمة جميعا، وعلى النوع الإنسانى عامة فمن ثمرات النكاح وغاياته، هو تهذيب الغريزة الجنسية وإشباعها عن طريق حلال، فالزواج هو أحسن وسيلة لإرواء الغريزة وإشباعها، فيهدأ البدن من الاضطراب، وتسكن النفس عن الصراع، ويكفّ النظر عن التطلع إلى الحرام، وتطمئن العاطفة إلى الحلال وتكتفي به، وفى النهايه أقول إياكم والمُغالاة في المهور فقد أصبحت خطرا كبيرا، لما تسببه من عزوف الشباب أو عجزهم عن الزواج.

قد يعجبك ايضا
تعليقات