بقلم _ أماني عز الدين
وقفت تمسك بيدها أول إصدار لها، وكأنها للتو قد أنجبت مولودا جديدا وها هي تلمسه بأناملها .
لكن دوما يأتي أحدهم ليفسد علينا لحظاتنا المميزة..وقف أمامها وهو يحمل نسخة من الكتاب، يطلب منها التوقيع عليها، إنه هو كمن يطل عليها من الماضي؛ ليذكرها بذلك اليوم الذي اتهمها فيه أنها لا تصلح ابدا لأن تمسك ورقة وأقلام، أنها أبدا لن تكون ماتحلم بأن تكونه ، وأطلق سراحها من حياته …
وقف وقد ارتسمت علي وجهه إبتسامة، بدت وكأنها رسالة اعتذار عن شيء هو فقط من يدرك مدي فظاعته، كانت محاولة منه أن يعيدها إلي كنفه ولكن هيهات ، كيف تعيد القيد الي معصمها بعد ان تحررت؟!
أمسكت بالكتاب، كتبت عليه بضع كلمات قصيرة..
إهداء ..
إلي من جعلني أدرك قيمتي الحقيقية ..
مدت يدها تعطيه الكتاب ومضت نحو عالمها الجديد، شعرت بالزهو حين نادي منظم الحفل اسمها؛ ليسلمها شهادة تقدير عن عملها الأدبي المتميز، وطلب منها ان تلقي بكلمة للحضور .
وقفت تتطلع حولها ثم قالت :
إنه حقا شيء مربك جدا أن نقرأ ، أن يأخذنا الآخر تحت مسمي الكاتب إلي عالمة أو ربما إلي عوالم أخري . قد لانعلم إلي أين تقودنا، بل إننا نجهل مدي عمق خطواتنا فيها ، حين كنت صغيرة، كنت أحمل كتابي إلي غرفتي، أبدأ بالقراءة، أبحث لي عن مكان بين أبطاله، فلم أكن أكتفي أبدا بدور المتابع للأحداث، وإن لم أجد من يشبهني بين الأبطال، أذهب لأتلمس بعض الدفء، بأن أختبئ بين الكلمات، أسير برفق علي أطرافي خلف الابطال، فأراهم من زاوية أخري، أتعمق في أدق تفاصيلهم، أنصت جيدا لحواراتهم ، حتي أشعر أني معهم في غمرة أحداثهم ، ولا أكتفي بل أحيانا كثيرة وحين أصل الي خاتمة الرواية، أبحث عن شخصية فرعية لم تأخذ حقها كباقي الأبطال، فأنسج لها أحداثا في خيالي؛ لتكملة باقي النص من وحي خيالي، كنت أضيف لكل رواية أقرأها شيئا من روحي ومن وحي خيالي، هكذا أخذتني القراءة إلي هناك،حيث أنتمي، وهكذا تعلمت ان أكتب ..
بين جموع المصفقين.. لمحته وهو يغادر؛ فشعرت أنها قد نجحت في ان تكسر القيد وتتحرر للأبد.
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية