من فاته القطار مثلي ؟

من يوميات المربّي نور الدّين الصّالحي من الهوارية تونس
متابعة عبدالله القطاري من تونس

أقولها بصوت عال ، لقد فاتني القطار ، قطار الحضارة العصرية ، فما عدت قادرا على المواكبة…
في الأفراح أخجل أن أرقص أو أغنّي كما النّساء والرّجال والأطفال من حولي ، ويزيد خجلي حين تشرئبّ الأعناق نحوي وكأنّي الشُاذ …
أخجل أن أرتدي لباسا قصيرا يكشف ركبتي وأخرج إلى الشّارع وتسبقني نسوة وفتيات كاسيات ، عاريات من الخلف والأمام …
يلتقي نظري مع نظر فتاة ، فأطأطئ رأسي وهي لا تفعل …
إمرأة تقاتل بائعا وترفع صوتها تناقش ثمن الغلال ، وأنا كالضعيف المهزوم ، أدفع وأنسحب بصمت …
أنا غير قادر على التدافع أو الإصطفاف أمام مغازة لساعات من أجل الحصول على السكر والقهوة …
لا أستطيع صد إمرأة إندست أمامي في الصف بلا حياء في مؤسسة من المؤسسات …
أخجل أن أقول لزوجتي أحبك ونحن على انفراد ، وشاب يحضن زوجته أمام والده ويفتخر بذلك …
أنا أتجنب ملاقاة من درسني إحتراما وخجلا ، وأطفال يعتدون على مدرسيهم …
كل يوم أحسّ أني لم أخلق لهذا العصر …
أنا متخلف ، متحجر العقل ، لذلك فضلت العزلة في أغلب أوقاتي ، أحاول أن أصنع سعادتي بمفردي في قوقعتي كالحلزون …
أنا هكذا ، وأمثالي ليسوا قلة ، تربينا هكذا ولن نستطيع نزع هذا الثوب كالثعبان …

من فاته القطار مثلي ؟
Comments (0)
Add Comment