عجز الموازنة، الدين العام، انخفاض سعر الجنيه، غلاء الأسعار.. مشكلات تطل برأسها على الاقتصادالمصري

خبراء : الإجراءات التي تتخذها الحكومة حاليا تؤدي إلى مضاعفة الناتج المحلي

حواررانيا ضيف


بداية
عام جديد وفترة رئاسية جديدة نفتح أهم الملفات التي على قائمة البحث والدراسة من قِبَل الحكومةوالساسة والعاملين في مجال الاقتصاد. فالإدارة الحكيمة لموارد الدولة هي مفتاح نهضة الشعوب وتحضرهاورفع المستوى المعيشي للمواطنين.

وفي ظل ما مرت به مصر من أزمات اقتصادية متتالية نتج عنها تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار والذيبدوره أدى لارتفاع الأسعار وازدياد معاناة المواطن المصري.

وقد اتخذت الحكومة عدة  تدابير وإجراءات في الأعوام السابقة عملت فيها على خفض فاتورة الوارداتوزيادة الموارد المحلية الصناعية والزراعية للتغلب على الأزمة بقدر الإمكان، وفي إطار البحث عن حلول كانلنا هذا الحوار مع أحد المثقفين المغتربين الذين يحملون هموم الوطن على عاتقهم ولهم  مشروعات وأفكارتستحق أن تصل وأن تنظر إليها الدولة ..ربما تكون أحد الحلول للتنمية ..

جريدة القاهرية تناقش أهم القضايا الوطنية ..

رحبت القاهرية بآراء الخبراء والاقتصاديين من الدول العربية .. حيث التقت المستشار القانوني، متوليالسكري  ويعمل في المملكة العربية السعودية ولديه خلفية اقتصادية واستثمارية عميقة بحكم عمله الدائمفي الجوانب القانونية المتعلقة بأنشطة الاستثمار والتمويل ومساهماته في مجال الإعلام الاقتصادي.

عجز الموازنة، الدين العام، التضخم، انخفاض سعر الجنيه، غلاء الأسعار تلك المشكلات التي تطل برأسهاعندما نتحدث عن الاقتصاد المصريما الأسباب والحلول؟

هذه الظواهر عبارة عن أزمات فعلية يحتاج كل منها إلى حل مختلف، أي تحتاج كل منها إلى معالجةلمصدرها. ماذا يعني عجز الموازنة؟

معناه عدم كفاية الموارد المالية للدولة لتغطية المصروفات العامة، فما الإجراء العاجل، هو اللجوء لتغطيةالعجز عن طريق سندات الخزينة (الشهادات المحلية بالجنية والدولية بالدولار) وهذا هو الدين العام، وهنالابد أن يترتب على ذلك خفض سعر الجنيه، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار التي هي ذاتها مشكلة التضخم.

إذن نحن أمام مشكلة واحدة عبارة عن حالات كل حالة منها تلد الأخرى، لكن الأساس واضح تماما وهو عدمكفاية الموارد المالية والباقي تفاصيل.

وما الحل من وجهة نظرك؟

الحل معروف وواضح وهو العمل على زيادة الموارد المالية للدولة حتى تغطي المصروفات العامة. لكنالوصول إلى هذا الحل يحتاج إلى جهد جبار ووقت ليس قصيرا وصبر ليس بالهين، لأن المشكلة الحاليةتراكمت مدى يصل إلى مائة عام وليس أربعة عقود أو سبعة عقود كما يعتقد البعض.

أي قبل عام 1952م كانت الحكومات حريصة على توازن الموازنة أي خلوها من العجز، وكان يؤدي ذلك إلىاقتصار الموازنة على المصروفات الضرورية دون تمويل البرامج ذات الطابع الاجتماعي، ظاهريا كانتالموازنة خالية من العجز ولكنها أيضا قاصرة عن تلبية الاحتياجات المتنامية من التعليم والصحة والإسكانوالمشروعات القومية، وبعد عام 1952م تبنت الدولة المشروعات القومية والبرامج الاجتماعية المكثفة منخلال الاستعانة بالدين العام كأداة تمويل وهو ما أدى إلى ظاهرة العجز، وعلى أي حال، العجز هو أمرتعاني منه كل موازنات العالم، فليس المهم هو العجز إنما المهم هو الناتج المحلي الإجمالي الذي يجب أنيغطي هذا العجز.

كيف يتم زيادة الناتج المحلي الإجمالي؟

الإجراءات التي تتخذها الحكومة حاليا سوف تؤدي إلى مضاعفة الناتج المحلي عدة مرات، لأن شبكة الطرقالعملاقة والقطارات الجديدة التي يتم إنشاؤها، سوف تؤدي حتما إلى خروج الناس من الوادي الضيقومنطقة الدلتا لبناء مجتمعات عمرانية جديدة ومتطورة يكون ناتجها الاقتصادي كافٍ لتلبية احتياجاتسكانها.

هل يعنى هذا أننا على الطريق الصحيح؟

بكل تأكيد نعم ، نحن على الطريق الصحيح لكن من ينتظر نتائج فورية أو مرحلية سوف يؤدي إلى العودةإلى سياسة المسكنات التي أدت إلى ما نحن فيه، نحن الآن في مرحلة الحل الجذري، وهي بلا شك صعبة،ولكن النهايات ستكون واعدة بشرط عدم التراجع عن خطط الإصلاح الحالية حتى لو كان لها آثار جانبية،لأن ما سينتج عن التراجع أو إبطاء خطة الإصلاح قد يكون أكثر سلبية بكثير من الآثار الجانبية للإصلاح.

.من خلال نقاش القاهرية مع بعض المثقفين والأدباء ..  طرح المهندس سمير المطيعيأحد أدباء المهجروعضو اتحاد كتاب مصر والذي يقيم بولاية تينيسي الأمريكيةفكرة لضخ العملة الصعبة لمصر والذياعتمد فيها على وجود ما يتراوح من ١٠ مليون إلى ١٤ مليون مغتربا خارج مصر، فاقترح أن تقوم الحكومةبتوفير ضمانات تشجع كل مغترب على تحويل ١٠٠ دولار شهريا أي ١٢٠٠ دولار سنويا في مقابل بعضالامتيازات مما يدفع عددا كبيرا للمساهمة ولن نحتاج بعدها للاقتراض من صندوق النقد الدولي الذي يفرضعلى الحكومة سياسات ورفع أسعار وتعويم وخلافه..  كيف رأيت هذا الاقتراح؟


من
وجهة نظري أعتقد أنه اقتراح عبقري، بالغ الأهمية، إذا لم نقل أنه يجب أن يكون المشروع القومي المنتظر،المهم أن يشعر المواطن المقيم في الخارج أن هذه المبالغ ليست تبرعًا بل استثمار مشترك بينه وبين الدولة.

دعيني أقول لك فيما يفكر المواطن المصري المغترب، بما في ذلك الحاصلين على جنسيات أخرى، إنه يفكر فيلحظة واحدة، هي لحظة العودة، وكيف يمكنه أن يحصل على دخل مناسب يؤمن له العيش الكريم دون أنيزاحم أخيه الذي لم يغترب على فرص العمل ومصادر الرزق، فإذا رأى أن هناك ضوء في نهاية النفقصدقيني قد تصل المساهمات إلى أضعاف المتوقع، فهناك من سيشارك بستة آلاف دولار سنويا أو عشرة آلافدولار ولن يقف الأمر عند الحد الأدنى الذي ذكره المهندس سمير.

حين يتم استخدام هذه التدفقات الدولارية في إنشاء شركات قابضة عملاقة، بواقع شركة في كل محافظةتكون مملوكة للدولة مع تخصيص أسهم للمغتربين كل بقدر مساهمته.

ودور هذه الشركات سيكون تخطيط المشاريع وإعداد الدراسات الخاصة بها وتدريب القوى العاملة، ثم تهيئةالبنية التحتية من طرق ومرافق وخدمات، ثم إطلاق مشاريع عالمية عملاقة يتم تمويلها من تدفق الاستثماراتالأجنبية المباشرة وغير المباشرة.

والبداية من وجهة نظري تكون بالعمل على إنشاء مناطق زراعية عملاقة تكون بديلا لأرض الوادي والدلتاالتي لم تعد صالحة للزراعة الحديثة التي تعتمد على كميات قليلة من المياه تروي مساحات شاسعة خاليةمن المباني وهو أمر مستحيل تطبيقه في الوادي والدلتا بسبب الكتل العمرانية، مما يؤدي إلى الاعتماد علىالري التقليدي الذي يستنزف الموارد المالية بشكل هائل.

نشأة المجتمعات الزراعية العملاقة ينتج بدوره مجتمعات عمرانية حديثة منظمة على غرار العاصمة الإداريةوالقاهرة الجديدة وأكتوبر والعاشر وغيرهاـ ومعها تنشأ المناطق الصناعية والمدن الخدمية والمالية

من أين يتم توفير الماء؟

من خلال حفر ترعتين عملاقتين تبدأ كل منهما من خلف السد العالي إحداهما تخترق الصحراء الغربيةوالأخرى تخترق الصحراء الشرقية حتى الوصول إلى المصب المناسب وفقا لما تقرره الجهات الهندسيةوالجغرافية.

ولكن هل سيؤثر ذلك على تدفق مياه النيل في الوادي والدلتا؟

في مقابل كل فدان ينقص من الرقعة الزراعية في الوادي والدلتا سيضاف خمسة أفدنة على الأقل فيالمجتمعات الجديدة بسبب ترشيد وتحسين استخدام المياه، مما يؤدي إلى القضاء تماما على مشكلة نقصالثروة الحيوانية ومضاعفة إنتاج الغذاء وفي النهاية خفض الأسعار واختفاء ظاهرة الغلاء.

قرابة ٢٠ مليار دولار تدخل خزينة الدولة سنويا عن طريق العاملين في الخارج ولكنها بدلا من أن تستخدم في التنمية يتم إنفاقها في تمويل الواردات أو تمويل الجهاز الحكومي، فهل ترى أن هناك سوء طرق للإنفاق؟

ليس المطلوب من هذا المبلغ أكثر من خمسة مليارات فقط سنويا لمدة عشر سنوات لتمويل مبادرة المهندسسمير المطيعي.

لديك مشروعا تود تقديمه للحكومة يستحدث ١٠ آلاف وظيفة فهل قمت بإطلاعنا على أهم ملامحه؟

هذا كان مشروع قدمته لأحد مرشحي البرلمان عام 2010م، وكان خاصا بمدينة صغيرة وهو في جوهره يتفقمع مبادرة المهندس سمير المطيعي ولكن من خلال التمويل المحلي لاستحداث مناطق زراعية ضخمة في كلمدينة مع توسيع المناطق الصناعية القائمة، وكان سببه أن النقاش والصراع في انتخابات 2010 كان يدورفقط حول توفير الوظائف فأردت أن أقدم حلا بديلا لبحث الناس عن الوظائف الحكومية من خلال مساهمةالقطاع الخاص والبنوك في تأسيس مشاريع توفر وظائف تتسم بالأمان الوظيفي بشكل يعوض عن الجريوراء الوظيفة الحكوميةـ ولكن مبادرة المهندس سمير يمكن أن تستوعب هذه المشاريع الفرعية كمشاريع رديفةفي المدن الواقعة داخل الوادي والدلتا.

العمل على تصحيح الإرث القديم سيحدث عرقلة في النهضة ورأيت أن المطلوب هو إنشاء مجتمعات جديدةونظم جديدة بقوانين جديدة ..مع الغاء فكرة بقاء قانون الاستثمار والقانون المدني والتجاري منذ أكثر من١٥٠ عاما بلا تغييرات تناسب المرحلة الحالية،

هل ترى العاصمة الإدارية الجديدة مثالا؟

طبعا، ونحن نحتاج إلى ما لا يقل عن عشرين مدينة على غرار العاصمة الإدارية، ولعل في مشروع قطارالإسكندرية أسوان الصحراوي وقطار العلمين السخنة والطرق المتصلة بهما نقطة الانطلاق لبناء تلكالمجتمعات الجديدة.

زيادة الأسعار شكوى مستمرة للمواطن المصري في حين أنك استنكرت هذه الشكوى هلا توضح وجهة نظرك.

هل الأسعار في مصر تعتبر مرتفعة؟

الحقيقة أنها منخفضة جدا، خذي أسعار الدواء مثالًا، لأنها منتجات عالمية تنتج بترخيص من الشركاتالعالمية، إنه يبلغ كحد أقصى ربع ثمنه في الخارج وأحيانا واحد على عشرة من الثمن، لكنه يبدو مرتفعالسعر، ببساطة لأن المشكلة في الدخل وليست في الغلاء،

موضوع الجنيه.. الصين تحرص على أن يبقى سعر اليوان منخفضا لزيادة الصادرات.

الجنيه المنخفض سيجذب أعدادًا هائلة من السياح.

المشكلة ليست بانخفاض الجنيه، ولكن في انخفاض الدخل وعدم استقرار سعر الصرف، الدولار يعادل 100 ياباني لكن الدخل مرتفع وسعر الصرف مستقل لذلك الاقتصاد مزدهر.

من أهم إنجازات الرئيس والتي كانت قاعدة هامة لأي استثمارات هي شبكة الطرق والكباري رغم تعاملالبعض معها بكثير من الجهل لأهميتها، فما قولك؟

للأسف الطريقة التي يتم التعامل بها مع أحد أعظم الإنجازات خلال مائة وخمسون عاما تدل على جهلمجتمعي يحتاج إلى معالجة، نحن في حاجة إلى أحزمة جديدة من الطرق وليس العكس، كيف سيمكنك أنتغادر الوادي الذي فقد قدراته الإنتاجية وأصبح كتلة من العشوائيات لتنتقل إلى مجتمعات حديثة منظمة،وكيف سيتم تحسين الدخل بدون هذه الطرق!

ما الإنجاز الجديد الذي يُفترض أن يكون من أولويات الحكومة في المرحلة الحالية؟

مجموعة طرق عملاقة طولية وعرضية في الصحراء الغربية والشرقية ونقل شباب الخريجين من الجامعيينوالمؤهلات المتوسطة لتعمير هذه المناطق الجديدة، مع التركيز على نقل المصانع الكبرى إلى مصر لتستفيدمن مستوى الأجور المنخفض كما حدث في ماليزيا وفيتنام.

Comments (0)
Add Comment