محمد النفس الزكية. مناقبه، حياته، ثورته وكيف قُتل. (4)

كتب/ حمادة توفيق.
أثناء تبادل الرسائل مع النفس الزكية، كان المنصور يُعدّ العدّة لمواجهة عسكرية حاسمة، فاختار وليّ عهده « عيسى بن موسى » قائدًا لحملته إلى المدينة، ويعود سبب اختياره إلى أن المنصور كان كارهًا لتوليته ولاية العهد، وكان يأمل أن تكون لولَدِه محمد المهدي، ولذا قال لخاصته حينما بعث عيسى: « لا أبالي أيهما قتل صاحبه ».
سار « عيسى بن موسى » بأربعة آلاف، ثم لحق به حميد بن قحطبة الطائي بخمسة آلاف، وجميعهم مزوّدون بكامل العدّة العسكرية والمؤن الغذائية، وكانت وصيّة المنصور لهما: أن لا يُحدثا في مكة والمدينة ما أحدثه مسلم بن عقبة والحجاج الثقفي فيهما، كل ذلك من أجل أن يمتصّ نقمة الناس، ويعيدهم إلى ولائه.
حاصر الجنود العباسيون المدينة من ثلاث جهات، تاركين جهة حرّة لمن يرغب في الانسحاب أو الاستسلام، في هذه الأثناء، وقبل بدء المعركة، حصلت الأمور التالية:
ـ بعث عيسى برسالة أمان إلى النفس الزكية ووجوه أهل المدينة، فرُفِضت.
ـ حينما شدّد العباسيون الحصار، استشار النفس الزكية أصحابه، فمنهم من طلب منه الرحيل إلى مصر، ومنهم من فضّل له الصمود.
ـ أراد النفس الزكية أن يقتدي برسول صلّى الله عليه وآله، فأمر بحفر خندق حول المدينة ودقت ساعة الصفر، وبدأ الهجوم العباسي، وتسلّلت الجيوش إلى شوارع المدينة، وحصلت معارك التحام بالسلاح أثارت مخاوف الأهالي، فانسحب قسم إلى الجبال القريبة، واستسلم قسم آخر، وأحسّ محمد بحراجة الموقف، وأشار بعضهم عليه بالانسحاب إلى مكة، فرفض أن يترك أهل المدينة يواجهون المعركة لوحدهم، فحمل سيفه ونزل ساحة القتال يدافع بشجاعة نادرة، حتّى لقي حتفه على يد « قحطبة بن حميد » الذي فصل رأسه بسيفه، وقدّمه إلى « عيسى بن موسى » الذي أرسله بدوره إلى المنصور، والذي أمر بأن يُطاف به في شوارع الكوفة.
ولم يكتف الجيش العباسي بقتل النفس الزكية، بل أحدث مجزرة رهيبة في صفوف أبناء الحسن عليه السّلام والمخلصين من أتباعهم، فقتلوهم، وصلبوهم، وعلقوا جثتهم لثلاثة أيام، حتّى ضجّ الناس بالشكوى، فخاف عيسى من ردّة الفعل، فأمر بإلقاء الجثث في مقابر اليهود!

ثورته وكيف قُتل. (4)حياته.محمد النفس الزكية. مناقبه
Comments (0)
Add Comment