الصحابي الجليل أبو رافع ” الجزء الثالث “


إعداد / محمــــد الدكـــــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع إبراهيم أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد توقفنا مع النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى الرغم من الأذى الشديد الذي تعرض له النبي صلى الله عليه وسلم، والمسلمون من زعماء قريش وكبرائها، فقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم، يوم فتح مكة ليخاطب زعماء الكفر بكلمات العفو والصفح حينما قال صلى الله عليه وسلم “اذهبوا فأنتم الطلقاء” وكما عفا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وصفح عمن أراد قتله من الكفار وبيّت ذلك، ومن الأمثلة عليهم، هو عمير بن وهب الذي علم النبي صلى الله عليه وسلم بنيته ودعا له بالهداية، وفضالة بن عمير بن الملوح الذي طاف حول الكعبة وهو يريد قتل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فعلم النبي صلى الله عليه وسلم بنيته عن طريق الوحي فالتفت إليه ثم ضرب في صدره فأسلم، وأمر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم احترام عهود الكفار.

وإن بدا في ظاهرها أنها ضد المسلمين، فقد حدث أن فكّ المشركون أسر حذيفة بن اليمان وأباه بشرط عدم المشاركة في قتالهم، وحينما قدموا إلى المدينة أعلموا النبي صلى الله عليه وسلم، بذلك فأمرهم باحترام عهدهم وعدم الخروج لقتال المشركين في بدر، وكان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم شديدا على من ينابذ الدين بالعداء، فيحث المسلمين على الثبات والصبر في مواجهة الكفار، كما رفض الاستعانة بالمشركين والكفار بقوله لأحدهم “اذهب فلن نستعين بمشرك” وأما عن إبراهيم أبو رافع، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏، قد قال ابن معين‏، أن‏ اسمه إبراهيم، وقيل‏ أن اسمه‏ هرمز، وقال علي بن المديني ومصعب‏، أن‏ اسمه أسلم، وقال علي‏، يقال له هرمز، وقيل‏‏ ثابت، وكان قبطيا، وكان للعباس، رضي الله عنه، فوهبه للنبي صلى الله عليه وسلم‏، وكان إسلامه بمكة مع إسلام أم الفضل، فكتموا إسلامهم، وشهد أحدا، والخندق.

وكان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم ولما بشر النبي بإسلام العباس أعتقه، وزوجه مولاته سلمى، وقد شهد فتح مصر، وعن عبد الرحمن بن أبي رافع، عن عمته سلمى، عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، طاف على نسائه جُمع، فاغتسل عند كل واحدة منهن غسلا، فقلت، يا رسول الله، لو جعلته غسلا واحدا، فقال صلى الله عليه وسلم ” هذا أزكى وأطيب ” وقد توفي أبو رافع في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وقيل‏،‏ في خلافة أمير المؤمنين علي بن أبى طالب، وهذا هو الصواب‏، وكان ابنه عبيد الله كاتبا للإمام لعلي رضي الله عنه‏، وعن سليمان بن يسار، عن أبي رافع قال ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، تزوج ميمونة حلالا، وبنى بها حلالا، وكنت الرسول بينهما ” وأبو رافع قد عده النجاشي من السلف الصالح، وعن عبيد الله بن أبي رافع في حديث أم كلثوم بنت أمير المؤمنين على بن أبى طالب.

انها استعارت من أبي رافع حليا من بيت المال بالكوفة، وعن عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، وكان كاتب أمير المؤمنين عليه السلام، أنه كان يقول إذا توضأ أحدكم للصلاة فليبدأ باليمين قبل الشمال من جسده، وكان يعظمونه ويعلمونه، وعن ابن عباس، عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال” كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب، وكنت قد أسلمت، وأسلمت أم الفضل، وأسلم العباس، وكان يكتم إسلامه مخافة قومه، وكان أبو لهب قد تخلف عن بدر وبعث مكانه العاص بن هشام، وكان له عليه دين، فقال له اكفني هذا الغزو، وأترك لك ما عليك، ففعل، فلما جاء الخبر، وكبت الله أبا لهب، وكنت رجلا ضعيفا أنحت هذه الأقداح في حجرة، ومر بي، فوالله إني لجالس في الحجرة أنحت أقداحي وعندي أم الفضل، إذ الفاسق أبو لهب يجر رجليه، أراه قال حتى جلس عند طنب الحجرة، فكان ظهره إلى ظهري.

فقال الناس هذا أبو سفيان بن الحارث، فقال أبو لهب، هلم إلي يا ابن أخي، فجاء أبو سفيان حتى جلس عنده ، فجاء الناس فقاموا عليهما، فقال يا ابن أخي كيف كان أمر الناس ؟ قال لا شيء، والله ما هو إلا أن لقيناهم فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا كيف شاءوا، ويأسروننا كيف شاءوا وايم الله، لما لمت الناس، قال ولم ؟ فقال رأيت رجالا بيضا على خيل بلق لا والله ما تليق شيئا ولا يقوم لها شيء ، قال فرفعت طنب الحجرة، فقلت تلك والله الملائكة، فرفع أبو لهب يده فلطم وجهي، وثاورته فاحتملني، فضرب بي الأرض حتى نزل علي، فقامت أم الفضل فاحتجزت، فأخذت عمودا من عمد الحجرة فضربته به، ففلقت في رأسه، شجة منكرة وقالت، أي عدو الله، استضعفته أن رأيت سيده غائبا عنه، فقام ذليلا، فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى ضربه الله بالعدسة فقتلته، فلقد تركه ابناه ليلتين أو ثلاثة ما يدفناه حتى أنتن ، فقال رجل من قريش لابنيه ألا تستحيان، إن أباكما قد أنتن في بيته ؟

فقالا إنا نخشى هذه القرحة، وكانت قريش يتقون العدسة كما يتقى الطاعون، فقال رجل انطلقا فأنا معكما، قال فوالله ما غسلوه إلا قذفا بالماء عليه من بعيد، ثم احتملوه فقذفوه في أعلى مكة إلى جدار، وقذفوا عليه الحجارة ” وعن سالم بن عبد الله، عن أبي رافع، قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أقتل الكلاب، فخرجت أقتل كلما لقيت حتى جئت العصية، فإذا كلب حول بيت فأرغته لأقتله، فنادتني امرأة من البيت، فقالت ما تريد ؟ قلت بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم، أقتل الكلاب، فقالت ارجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره أني امرأة قد ذهب بصري، وإنه يؤذنني بالآتي، ويطرد عني السبع، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فقال صلى الله عليه وسلم ” ارجع فاقتله ” فرجعت فقتلته، وعن عطاء بن يسار، عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال استسلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرا فجاءته إبل الصدقة.

قال أبو رافع فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن أقضي الرجل بكره، فقمت، فلم أجد في الإبل إلا جمالا خيارا رباعيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أعطه إياه، فإن خيار المسلمين أحسنهم قضاء ” وعن أبي رافع، قال لما ولدت السيدة فاطمة حسنا رضي الله عنهما، قالت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أعق عن ابني ؟ فقال صلى الله عليه وسلم ” لا ، ولكن احلقي رأسه وتصدقي بوزن شعره ورقا” أى فضه أو قال فضة، على المساكين ” فلما ولدت حسينا فعلت به مثل ذلك، وقال موسى بن داود في حديثه ” على الأوفاض والمساكين” وعن شيبة بن نصاح، مولى أم سلمة، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبيه، عن أبي رافع، قال وقع إلي كتاب فيه استفتاح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إذا كبر قال ” إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا ، وما أنا من المشركين.

إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت سبحانك، وبحمدك أنت ربي وأنا عبدك، لا شريك لك، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعا، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، لبيك وسعديك والخير في يديك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، أستغفرك وأتوب إليك ” .

الصحابي الجليل أبو رافع " الجزء الثالث "
Comments (0)
Add Comment