سهام سمير
هل فكرت يوما فى دوائر علاقاتك؟ أيها سام وأيها صحي وغير مؤذي؟
ماذا لو تناولت وجبة سامة؟ هل تستطيع معدتك تحمل وجودها أم أنها تسارع بطرد محتوياتها؟ بطرق مختلفة!
قرأت تعبير مجازى مرة يقول:
“إني أتقيؤكم” كان يعبر عن مدى رفضه لوجود ناس فى حياته، ويعبر عن ضيقه وانزعاجه من دخولهم مسار حياته.
نعرف أن الحياة طرق، وغالبا ما تتقاطع طرقنا مع أنواع مختلفة من البشر.
مصطلح علاقة سامة أو لو خففناه قليلا فقلنا علاقة مؤذية مصطلح جديد نوعا ما على حياتنا.
قديما كنا لا نطلق على هذه العلاقات مسميات، كان يكفي أن نصف مدى تأثير هؤلاء الأشخاص على حياتنا وانفعالاتنا وأحيانا كثيرة اختياراتنا وقرارتنا.
حضرنا حلقة أ.مارلين مدربة التواصل والذكاء العاطفي وتباحثنا معها عن كيفية معرفتنا أننا فى علاقة غير آمنة؟ وأيضا عن كيفية التعامل مع هذه العلاقات!
أولا: كيف تعرف أنك فى علاقة سامة ؟
كانت الإجابات تتراوح بين:
الإحساس بعدم الراحة والقبول فى العلاقة.
أي علاقة أشعر فيها بالاستنزاف.
العلاقة التي تعطل دورك في الحياة وعملك وتقف دون تحقيق أهدافك.
أشعر وكأني غير كافي، ومضطر لتقديم تبريرات لتصرفاتي.
أحسب حساب كل كلمة.
علاقة يكون فيها الطرف المؤذي كثير الطلبات، ويركز على نفسه ورغباته هو دون ان يعير رغباتك واحتياجك أدنى اعتبار.
حياتي تحولت لجحيم، من الملاحقة والأسئلة واللوم أو بالأدق التأنيب والتقطيم على كل حركة.
أما ما لمسني فعلا تعبير أحدهم، حين وصف العلاقة بالحيز الضيق الذي يجبرك الشخص السام أن تدور فيه حوله وبلا راحة ولا توقف.
هو شخص كثير الشكوى، لا يرضى عنك ولا عن حياته وكثيرا ما يلومك على أخطاء لم ترتكبها بل ويذكرك بأخطاء حدثت في الماضي وتجاوزها الزمن. لا يستطيع تحمل المسئولية فكثيرا ما يلوم الظروف على ما هو فيه.
يطرح هنا سؤال هام جدا؟
هل نحن مؤذيين ونحن لا نشعر؟
هل لا يقول علينا نفس الأطراف ذات الكلام والنقد!
كثير من الأحيان نؤذى دون عمد، حين نحول الأصدقاء أو الأقارب أو أيا كانت صفتهم بالنسبة لنا، نحولهم لشخصيات معتمدة علينا كليا، ثم فجأة ننسحب، إما لاستنزاف طاقاتنا، أو عدم قدرتنا على الاستمرار فى العطاء.هنا نحن نؤذي ولا نشعر.
تخيل معي لو كانت حياتك عبارة عن حديقة، راعيت أن تزرعها بنباتات نادرة وتكون متنفس لك وتزهر ما يحيط بك، وهي ملاذك الآمن، وراعيت أن تحتوي على كل الأشجار والزهور المثمرة، ثم لم تبني سور حولها، ماذا تتوقع؟
أي عابر سبيل أو قاطع طريق، سيقفز أو بالأحرى سيدخل حديقتك ويفعل بها مايشاء، لأنك لم تضع حدودا تحميها، وتحمي ما فيها من نباتات وزروع بذلت فيها الجهد والوقت لرعايتها.
سور الحديقة هنا هو حدودك التي تضعها، وتمنع أيا كان من اقتحامها وقتما أو كيفما شاء.
لكن احذر أن تحيط حديقتك بسور وتستمر في ري وسقاية الحدائق الأخرى، لأنك هنا تتحول لشخص مؤذي، بتحويل الطرف الآخر للاعتماد عليك كلية. وهذا هو الجزء المتعلق بمسئوليتنا في العلاقة، لأننا أحيانا بنية المساعدة وفعل الخير نتحمل مسئولية لا تخصنا، وقد تتحول في يوم ما لعبء لا نستطيع التخلص منه.
هل العلاقات السامة والمؤذية قاصرة على علاقات الصداقة والمعارف؟
لا، هناك علاقات في حياتنا، تعني لنا أكثر من صديق، أو زميل عمل، أو جار، هناك الأقارب من الدرجة الأولى، الأزواج والزوجات، الأبناء والأباء، وهكذا.
هل ما ينفع للتعامل مع الشخص العابر فى حياتنا، والذى نستطيع أن نحجم علاقتنا به، يصلح للتعامل به مع زوج أو ابن أو أب؟
بالطبع الإجابة لا.
بداية هل نحن ندرك جين نقع فى فخ العلاقة السامة أننا فى الطريق إليها؟
لا، البدايات دوما مبهجة، ملونة، بألوان قوس قزح، تبهر العين، وتجعلك ترى العيوب مزايا، فالسؤال المتكرر يعبر عن اهتمام، المطاردة نوع من القلق عليك، التدخل في حياتك من باب المصلحة والنصيحة ولأنك مهم أكيد.
أما لماذا يستمر البعض في مثل هذه العلاقات بعد معرفتهم بمدى ضررها؟
أحيانا نستمر لعدم رغبتنا في الشعور بالوحدة، خاصة إن لم نجد بديلا عن العلاقة.
بعض العلاقات متشابكة وفيها طرف يعتمد ماديا على وجوده في هذه العلاقة كعلاقة الزواج، التي تجد الزوجة فيها نفسها لابد لها من الاستمرار لضمان استقرارها المادي وأحيانا لوجود أطفال بينهم.
سبب آخر نستمر لأجله، وهو محاولة منا لإثبات مدى إخلاصنا وجديتنا فى العلاقات، ولإثبات أيضا أننا اخترنا اختيار سليم لولا الظروف!
أما عن أنواع الشخصيات السامة فكما أن الطماع هو ضحية النصاب، فضحية العلاقة السامة، هو أحد هذه الشخصيات:
إما أنه محتاج للقبول، ولم يحصل عليه من أقرب الناس إليه فيشتريه بارضاء كل من حوله، وهناك من يجيد اصطياد هذا النوع جيدا، ويعلم تمام العلم أنه سيجني من ورائه الكثير.
الشعور بالدونية أو عدم الاستحقاق يجذب إليك الشخصيات المؤذية التي تعرف متى وكم تعطي ومتى توقف عطائها حتى تكون وصلت لمرحلة من الاعتماد عليهم كافية جدا ليهربوا ويتملصوا منك كأنهم سراب.
المتورطون في العلاقات المؤذية هم أول من يؤذون أنفسهم بالتواجد بالقرب من هذه الأنواع من العلاقات.
السام شخص أناني، مٌصدر للطاقة السلبية، لا يتوانى عن امتصاص طاقتك والتغذي عليها، ثم تركك عضم دون لحم بعدما تفقد كل مميزاتك التي اقترب منك لأجلها.
المؤذي لا يحب حبا غير مشروط، دوما يٌملي عليك شروطه ليرضى عنك ويحبك، وهذه الشروط أن تقدم له نفسك وحياتك ووقتك وجهدك وأحيانا مالك وكل ما تملك طواعية .
مصاصوا الطاقة أخطر من مصاصي الدماء، لن يدعوك تنعم براحة بال. لن يفرحوا لفرحك بل سيجدوا في كل مناسبة فرصة لتنغيص وقتك واستمتاعك.
عودة للمثل الوارد في أول المقال:
ماذا يحدث حين تتناول وجبة سامة؟
أول ما يفعله الطبيب هو جعلك تتلفظها قبل أن تقضي عليك.
عزيزى المتورط في علاقة لا تجني منها سوى الضيق والهم، اهرب وانفد بجلدك من هذه العلاقات.
إن استطعت أن تنهي العلاقة تماما افعل ولا تتردد، أما إن كانت تنتمي لنوع العلاقات المستمرة فتحنب مواجهة الشخص المؤذي، واسعى للاستقلال عنه وعدم الدخول في مجادلات تنال من راحتك وسلامك النفسي.
هناك مثل يٌضرب لنا عن كيفية انقاذ حياتك في الطائرة، المضيفة تشرح لك كيفية استعمال قناع الأكسجين لك أولا حتى يتسنى لك الحفاظ على من معك. فانقذ نفسك أولا لأنها أولى وأحق.
وليكن شعارك مزيد من حب النفس، لن يضر بل يصل بك لبر الأمان.
تعلم أيضا أن تقول لا اللطيفة، لا التي تحفظ لك احترامك لذاتك، وووقتك وحياتك. لا تشعر بالاحراج لقولها، أو للاعتذار عن القيام بما يطلبه منك الطرف الآخر إن كنت غير مستعد وغير قادر على الفعل.ثق بنفسك وبقدراتك وعزز هذه الثقة بقول لا، لأنك غير مطالب بأن تكون لطيفا أكثر من اللازم طوال الوقت. ولست مخلوق في هذه الحياة لإسعاد الآخرين، في حين تتحول أنت من كثرة الإرهاق لشخص بائس وتعيس.
ملخص موضوع للمناقشة بعنوان: “واللي بيفكر يفارق لولا بس المشاعر”
إعداد وتقديم أ.مارلين سليمان على تطبيق كلوب هاوس.