كتب/ حمادة توفيق.
الحلقةُ الخامسةُ.
خلالَ فترةِ الأسرِ البابليِّ لليهودِ قبلَ الميلادِ، حين دَمَّرَ الملكُ البابليُّ بختنصر المملكةَ الإسرائيليةَ الشماليةَ والجنوبيةَ، وهدمَ الهيكلَ السُّليمانيَّ لأولِ مرةٍ، وأخذَ اليهودَ أسرى إلى بلادِهِ، منذ ذلكَ الحينِ انبرى اليهودُ يُخططونَ للسيطرةِ على العالمِ، إنهم لم ينسوا ثأرهم ولا ما يرونَ من حقٍّ مُهدرٍ، ومن أجلِ ذلك كتبوا التلمودَ عِوضًا عن التوراةِ، وتمَّ وضعُ مخططاتِ اليهودِ التنفيذيةِ التي تنفذُ ما جاءَ في التلمودِ، وهي ما نسميه برتوكولاتِ شيوخِ صهيون، تلك البرتوكولاتُ التي تحوي دسائِسَهم وخُططَهم للثأرِ، ولعلي أُفرِدُ سلسلةً خاصةً لهذه البرتوكولاتِ تحديدًا لخطورتِها البالغةِ وعلاقَتِها بالماسونيةِ اليهوديةِ.
منذ ذلك الحينِ واليهودُ يقومونَ بتنفيذِ خططِهم على مراحلَ طويلةِ الأمدِ، ونجحوا في البدايةِ من العودةِ إلى أرضِ فلسطينَ بمساعدةِ الفرسِ وتحتَ حكمِ الإمبراطوريةِ الفارسيةِ، ثم تحتَ حكمِ الإمبراطوريةِ الرومانيةِ، إلا أنهم فشلوا في إعادةِ مملكةِ داودَ وسليمانَ مرةً أخرى، لكنهم استطاعوا إعادةَ بناءِ الهيكلِ للمرةِ الثانيةِ قبلَ الميلادِ، ولما جاءَهُم المسيحُ ابنُ مريمَ عليه السلام رفضوا الإيمانَ به، لأنهم يريدونَ مسيحيًا آخرَ ملكًا يجلسُ على كرسيِّ عرشِ مملكةِ داودَ، وتآمروا على قتلِ المسيحِ ابنِ مريمَ وحاولوا صلبَهُ، ولكن اللهَ أنجاهُ منهم ومن تآمرهمْ عليهِ.
وفي العامِ 70م حدثَ ما تنبأَ بهِ المسيحُ عليهِ السلامُ من هدمِ الهيكلِ والقدسِ، فقد فعلها الملكُ الرومانيُّ طيطس، وطردَ اليهودَ من فلسطينَ ولم يعودوا إليها منذ العامِ 70 بعد الميلادِ، إلا في القرنِ العشرينِ حيث أعلنوا دولتَهم الأخيرةَ عامَ 1948م وهو العلوُّ الأخيرُ الذي جاءَ ذكرُهُ في سورةِ الإسراءِ.
وأنشأَ اليهودُ منذ الأسرِ البابليِّ منظماتٍ من خلالها يحكمونَ العالمَ سِرًّا، ويدبرونَ المؤامراتِ ويشعلونَ الثوراتِ على مرِّ التاريخِ.
وقد أشارَ الكاتبُ الأمريكيُّ وليام غاي كار في كتابه الهام (أحجارٌ على رقعةِ الشطرنج) إلى هذا المخططِ اليهوديِّ القديمِ وكيفَ تمَّ اكتشافه، وقد أيدهُ كثيرونَ من الكتابِ الغربيين.
ففي مدخل كتابه يقول: ” إذا كان ما سأكشفُ عنه الستارَ فيما يلي سيثيرُ دهشةَ واستغرابَ قارئِ الكتابِ هذا، فإني آملُ ألا يشعرَ بمركبِ نقصٍ حين أعلنُ له بصراحةٍ أنني شرعتُ في العملِ منذ عام 1911م، مستهدفًا الوصولَ إلى كنهِ السرِّ الخفيِّ الذي يمنعُ الجنسَ البشريَّ من أن يعيشَ بسلامٍ، وينعمَ بالخيراتِ الرغيدةِ التي منحها اللهُ لنا، ولم أستطع النفاذَ إلى حقيقةِ هذا السرِّ حتى عامِ 1950م، حيث عرفتُ أن الحروبَ والثوراتِ التي تعصفُ بحياتنا، والفوضى التي تسيطرُ على عالمنا، ليست جميعًا دونما أيِّ سببٍ آخرَ سوى نتائجِ مؤامرةٍ شيطانيةٍ مستمرةٍ “.
ويضيفُ الكاتبُ: في عامِ 1784م وضعتْ مشيئةُ اللهِ تحتَ حيازةِ الحكومةِ البافاريةِ – الجرمانية – براهينَ قاطعةً على وجودِ المؤامرةِ الشيطانيةِ المستمرةِ.
وفيما يلي تفصيلُ هذه الواقعةِ وملابساتِها:
كان آدمُ وايزهاوبت أستاذًا يسوعيًّا للقانونِ في جامعةِ أنجلولدستات Ingoldstadt، ولكنه ارتدَّ عن المسيحيةِ واعتنقَ المذهبَ الشيطانيَّ، وفي عامِ 1770م استأجرَهُ المرابونَ اليهودُ الذين قاموا بتنظيمِ مؤسسةِ روتشيلد لمراجعةِ وإعادةِ تنظيمِ البرتوكلاتِ القديمةِ – الصهيونية – على أسسٍ حديثةٍ، والهدفُ من هذه البرتوكلاتِ هو التمهيدُ لكنيسِ الشيطانِ للسيطرةِ على العالمِ، كي يُفرَضَ المذهبُ الشيطانيُّ على ما يتبقى من الجنسِ البشريِّ بعدَ الكارثةِ الاجتماعيةِ الشاملةِ التي يجري الإعدادُ لها بطرقٍ شيطانيةٍ طاغيةٍ (هرمجدون). وقد أنهى وايزهاوبت مهمته في مايو 1776م، وقد أطلقَ وايزهاوبت على منظمته أو جماعته اسمَ “الإليوميناتي البافارية”، وقد أخذَ هذا الاسمَ من المنظمةِ الإسبانيةِ المنشقةِ الصغيرةِ التي اسمها الـ “الومبرادوز” والتي تعني (المستنيرون)، والتي تمَّ تأسيسُها من قبلِ المؤسسِ اليسوعيِّ الإسبانيِّ أغناطيوس لسويولا معلم الألومبرادوز الغنوسطية الشهيرة، والتي تعتقدُ أن الروح البشرية تستطيعُ الحصولَ على معرفةٍ مباشرةٍ عن الله، وأن زخارفَ الدينِ التقليديِّ لم تكن ضروريةً بالنسبةِ إلى أولئكَ الذين وجدوا النورَ، وقد اتهمت محاكمُ التفتيشِ هذه الجماعةَ بالكفرِ والهرطقةِ في عامِ 1568، 1574، 1623م. وقد اُطلقَ على منظمةِ الإليوميناتي أيضًا اسمُ جماعةِ النورانين واشتُهرتْ به، وقيل إن ويليام من هيس كانَ أحدَ المؤسسينَ المشاركينَ وايزهاوبت، وكانَ يعملُ موظفًا لدى مائير روتشيلد، وكانَ روتشيلد عضوًا في المحفلِ الماسونيِّ ذاتهِ، الذي فيه راعي مكتبهِ مائير سيلغمان. وكانَ وايزهاوبت كاهنًا يسوعيًا ومفتونًا بالفكرِ اليسوعيِّ، وقد تأثر بتاجرٍ يُعرفُ باسم كولمر، الذي وصفته الكاتبة ويبستر بأنه الأكثرُ غموضًا بين الرجالِ الغامضينَ، وكان كولمر هذا قد تعلم الأسرارَ السحريةَ المصريةَ والفارسيةَ من أحدِ سحرةِ البلاطِ الفرنسيِّ كاغليوسترو، وكان يُعلمُ عقيدة سرية مبنية على المذهب القديم الغنوسطية، التي تعتقد أن المادة شر وأن الخلاص يأتي عن طريق المعرفة الروحية، وهي التي استخدمت مصطلحَ مستنيرٍ قبل القرن الثالث عشر. وأعطى كولمر أسراره إلى وايزهاوبت والذي استخدمه بدوره في نظام جماعته السرية الإليوميناتي أو النورانيين، وجعل نظام التقويم فيها على أساس التقويم الفارسي، وخلق وايزهاوبت نظامه على شكل هرمي على صورة البنيان اليسوعي والماسوني، وجعل اسمه السري هو “سبارتاكوس” تكريمًا لاسم العبد الذي قاد ثورة دموية ضد الرومان عام 73 قبل الميلاد.
وقد وضع وايزهاوبت نظامًا أمنيًا سريًّا لمنظمته من خلال سلسلة أهرامات من القيادة الآمنة جدًا، بحيث أن أحدًا منهم لم يعرف أنه كان رأس الإليوميناتي، حتى ضبطت السلطات البافارية الأوراق والمستندات التي كشفتْ أسرارَ المؤامرةِ.
وفي هذه الوثائق يقول وايزهاوبت: ” لديَّ اثنانِ تحتي مباشرةً أنفخُ منهما روحي كاملةً، وكل واحد من هذين الاثنين يوجد تحته اثنان آخران وهكذا وبهذه الطريقة فإنه بإمكاني أن أحرك آلاف الرجال وأشعل فيهم النار بأبسط هيئة، وبهذه الطريقة فإن عمل المرء أن يصدرَ الأوامِرَ وأن يعمل في السياسة “.
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية