بقلم السيد عيد
لم يكن يدور في خلد أحد وسط استعداد الأطفال لطقوس العيد والاحتفال بالملابس الجديدة وحصولهم على العيدية، هناك أطفال يمثل لهم اللعب مع خروف العيد فرحة كبيرة للعديد من الأطفال في الأعمار المختلفة بتلك المغامرة، بل ويتخذ بعض منهم من خروف العيد صديقاً له يجري خلفه ويحاول الإمساك به ويرتبط وجدانياً بهذا المخلوق الجميل مما قد يسبّب له صدمة بفقدانه.
الأطفال بعد عملية الذبح يمتنعون عن أكل اللحوم مدة طويلة، كما يستيقظون من نومهم مفزوعين لمدة. فمشاهدة الطفل وهو في سن صغير لذبح الأضحية وسيلان الدم أمامه يعلمه التطرف والإرهاب،يكفينا ما نعيشه يوميا من قطع الرؤوس حتى صرنا نتهم بأننا مجتمعات دموية،
ومَن يُدمن تلك المَشاهد جدير بأن يتبلّد إحساسه، بل جدير بأن يرتكب الإجرام والإرهاب إنْ لاحت له الفُرص أو عرضت له ظروف كتلك الظروف. إن موت إنسان لديه لم يَعُد يختلف عن موت قطة، وذبح إنسان لم يَعُد يهتزّ لمشهده إلّا كما يمكن أن يهتزّ جزّار لمشهد شاةٍ تذبح وللأسف يدرّبوننا صغارًا على أن نشهد ذبح الأضاحي؛ لكسر الإحساس الرحيم بالحيوان، ثم بعد حين يدرِّبوننا على ذبح الحيوان بأيدينا؛ لنتعوّد الذبح، بلا وازعٍ من رأفةٍ أو رحمة ليست بالحيوان وإنما بالطفل.. ومثل تلك التربية تحدث اليوم، ولكن لكسر الإحساس الرحيم لذبح الإنسان أيضًا؛ لنتعوّد مستقبلًا على جِزارة البشر بأيدينا، بلا وازعٍ من رأفةٍ أو رحمة! إنها ثقافة الرُّعب الأصيلة، وما تلك إلّا أعراض منها… ثقافة الرُّعب الأصيلة؟ نعم، إن المرء هنا يولد ليُمارَس عليه الرعب منذ يستهلّ صارخًا لهذه الدنيا ، في معاملةِ أَبَوَيْه، وفي أُسرته، وفي مدرسته، وفي المجتمع ثقافة ترى أن التربية يجب أن تكون كسرًا للكرامة الإنسانيَّة، وسحقًا للحُريَّة الطبيعيَّة نعم إنها ثقافة الرعب الأصيلة.
فينبغى قبل الذبح ينبغي أن نعلم طفلنا أن ذبح الأضحية ليس عبثا أو لعبا وإنما لهدف اجتماعي تكافلي، فنحن نقول له إن هذا الخروف بعد ذبحه سيقسم لثلاثة أثلاث، الثلث الأول هو طعام لنا والثاني يعطى للجيران والثالث نتصدق به على الفقراء، فالأضحية تحمل هدف اجتماعي تكافلي لإغناء المجتمع وتحقيق الترابط الأسري والمجتمعي وهذا معنى عظيم لو فهمه الطفل قبل أن يشاهد لحظة الذبح، وكذلك أن نعلمه بأن الإسلام أمر بالذبح من الرقبة ليكون اللحم صحيا وذلك لإخراج أكبر كمية من الدم، وفي هذا إعجاز علمي عظيم لأن النتائج تختلف عن الذبح بالصعق أو الخنق، ثم نذكر له قصة سيدنا إبراهيم مع ابنه إسماعيل عليهما السلام وكيف أن الله أنزل الكبش بديلا عن ذبح الطفل، فيتعلق الطفل بالله أكثر ويشعر بأن الله يحب الأطفال لأنه أنقذه من الذبح، وأخيرا نعلمه أن نبينا يحب الحيوانات وقد أمرنا بالرفق بها عند ذبحها وذلك بتقديم الماء للأضحية قبل ذبحها، وإراحتها وأخذها برفق وعدم سحبها بقوة، وأن نحد السكين ونخفيها عن عينها عند ذبحها ثم نستقبل القبلة ونقول بسم الله لتكون حلالا، فيتعلم الطفل معاني كثيرة منها الرفق بالحيوان وبركة طعام الحلال وحب المساكين وإكرام الجار وبر الوالدين، وكل ذلك نفعله قبل الذبح ليتهيأ الطفل له وليعلم أنها سنة عن نبى الله إبراهيم ولكن فى حالة رفضه لتلك المشاهد لا يجب إجباره، حتى لا يكره هذا الواجب الديني.
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية