القاهرية
العالم بين يديك

‎مشاجرة في المقهى

134

‎كتبت /سهام سمير

‎في اليوم التالي لمشاجراتنا، قصدت المقهى الذي
أرتاده عادة، وأجد فيه قدر من الخصوصية وقدر آخر لا بأس به من الراحة والخدمة المتميزة
‎لفت انتباهي أن النادل الذى يحضر الطلبات كل مرة غائب، وأتاني زميله ليعطيني قائمة المشروبات والأطعمة.
‎أسرح بينما أقرأ القائمة فى أخر كلماتنا، قبل أن أخرج من البيت وأتجه للمقهى. “لن أفعل أكثر تعبت، أنت نصف موجود، وأنا مشتتة بين مئات الاحتياجات!
‎هذا ما قلتٌ
‎هذا ما سمعت
‎لكن هذا ما لم أقصده وتريحني عبارة قرأتها منذ زمن لجبران خليل جبران”بين منطوق لم يقصد ومقصود لم ينطق تضيع الكثير من المحبة”
‎وكان رده الذى لم أعرف على وجه الدقة هل هذا ما قصد أم لا: “افعلي ما يحلو لك” وهل لا أفعل؟
‎وكان أول ما يحلو لي فعله الخروج والذهاب للمقهى وطلب الشاي الذى أشربه بهدوء بينما أقرأ فى كتاب، وأسافر عبر الورق والزمن والمكان إلى أحلى الأماكن وأكثرها بهاءً قبل أن تعيدني اختلافاتنا لأرض الواقع مرة أخرى
‎طلبت الشاي، أتى النادل بصينية وبراد وفنجان وسُكرية، وتركهم على الطاولة وتركني أصب الشاي، وأبكي، لأني اليوم واليوم تحديدًا، كنتُ أشد ما أحتاج للراحة، لأن يقوم أحدهم بحمل همي، ومسئولياتي، لتدليلي، لصب الشاي فى فنجاني!
‎حاولتُ النداء عليه لكنه لم يراني، ولم يرد بالطبع.
‎خاصمت النادل الذى رأيته للتو، عندما عاد،لم يسألني كما اعتدتُ كلما قصدت المكان”هل كل شيء على ما يرام ؟ هل أعجبك الشاي ؟ أتريدين شيئَا أخر ؟
‎لكن أنا الذى سألته، بل عاتبته ولمته على عدم الاهتمام بي!
‎دُهش الرجل، الذى لا يعرف ما أصابني لأوجه له عتابي ولومي واتهامي له بالتقصير؟
‎تدخل مدير المكان ليرى وجه الخطأ الذي فعله مستخدمه! لكن لدهشته هو الآخر لم يفعل الرجل أكثر مما هو مطلوب منه.
‎ارتفع صوتي، وقررت فى هذه اللحظة أن أكمل المشاجرة لمنتهاها، كل مرة انسحبت من مشاجرة وخلاف، كانت ترعبني فكرة المواجهة، ودومَا يتم اتهامي أني اخترت التوقيت الأسوأ للمناقشة، وينتهي الأمر باعتذارى، وإحساس بالعجز وكأني ضاعفت إحساسي الأول.
‎وكأي قشة قصمت ظهر بعير، كانت مشاجرة المقهى، هي القشة، وكان النادل هو خصمي، وكنت أصيح وأنا لا أدري، هل أتكلم معه أم معك أنت ؟
‎بُح صوتي، فلملمت أشيائي المتناثرة على الطاولة، وعدت للبيت. أضاء هاتفي برسالة منك، قرأتها:
‎كعادتك تتجاهل المشاجرة، وسبب الخلاف، وتسأل عن الطقس والأحوال، وكأن شيئا لم يكن!
‎أجبتُ بصوتي الضائع بعد مشاجرتي المزيفة فى المقهى، بأن كل شيء على ما يرام، لولا مشاجرة مع نادل فى مقهى، تأثرت أنت وكانت مشاعرك حقيقية، وتأثرتٌ أنا لتعاطفك معي ومشاركتك إياي، وألقينا باللوم على النادل سويَا.

قد يعجبك ايضا
تعليقات