بقلم: شروق صالح
في عتمة الليل وسكونه راودني سؤال سرق النوم من عيني.
ترى هل نتشابه نحن البشر مع القطارات؟
ابتسمت بسخرية في بادئ الأمر قائلة: يالا هذيان العقل بعد منتصف الليل، دائماً تحضرني أسئلة عجيبة.
كنت سأتجاهله فجأة شعرت بأنه سؤال يستحق التفكير، فنحن حقاً بيننا تشابه!! فالقطار يمر على محطات شتى حاملاً أشخاص عديدة أحياناً تناسبه وأحياناً أخرى تكون دون المستوى، غير أنه أشجع منا بكثير؛ فهو لا ينتظر أحد، ولا يسمح بدخول أحد في العربة التي لا تناسبه.
صمتت للحظات متنهدة ثم أكملت حديثي مع عقلي: العديد من التجارب والتي عفا عنها الزمان، جعلت منكِ شخصاً يهاب الآخرين، يبني القلاع والحصون حول قلبه، يغرق فؤاده في الظلمات والأحزان ليلة تلو الأخرى، ترى ما الخطأ الذي اقترفه ليتحطم هكذا؟
تجاهلت تجارب الماضي وقررت إعطاء الآخرين فرص جديدة، لكن يالا سخرية القدر فلقد اختار لها واحدة لا تستحق تلك الفرصة ولم تقدر تلك الكلمة العظيمة.
لقد اتخذتها صديقة لها، تحادثها الكثير من الأحاديث في مواضيع شتى لا يعلم أحد شيء عنها.
وفي إحدى الأيام كانت تمازحها كالعادة فإذا بها تقابلها بنظرات غاضبة صارخة فيها، لم تفهم ما حدث.
ابتعدت لأيام لتتركها تهدأ وتراجع نفسها على الرغم من أن شجارهما ذلك قد تسبب في شجارها مع حبيبها بسبب الحزن والضغط الذي سببته لها تلك الصديقة، فلقد تناست كل شيء بلمح البصر ومحته كأن لم يكن، حاسبتها على مواقف لم تقصدها أبداً، ليس هذا فحسب بل عن أشياء ليس لها الحق في محاسبتها فيها.
ومع ذلك ضغطت على قلبها مرة أخرى بالرغم من صدمتها وشدة حزنها فلقد رأت بأم عينها كيف أن تلك الصديقة سامحت من آذاها وتغاضت عن زلاته على الرغم من أنه لا يستحق، لذا قررت التماس العذر لها راغبة في تصديق أن صديقتها لم تكن تقصد ما قالته بل إنها تصرفت ذلك التصرف لأنها تمر بوقت عصيب، حاولت محادثتها فتجاهلتها كأنها نكرة، حينها فقط قرر فؤادها إخراجها منه؛ فهي لم تكن تستحق تلك الكلمة العظيمة ذات المعاني السامية منذ البداية.
أنهيت حديثي وجففت دموعي الهاربة من عيني ثم قلت غداً سأكمل سرد بقية المحطات التي مررت بها فلقد أكتفيت بهذه المحطة هذه الليلة.