القاهرية
العالم بين يديك

رسالة إلى مجهول

314

بقلم/ سالي جابر
عزيزتي السحابة الراحلة؛ أود أن أراكِ، فمتى ترحلين سأصنع مثيلتك من قطع القطن البيضاء، وألتقط لكِ صورًا عديدة أبروزها في غرفتي لتكونين سحابتي الباقية، والآن قبل أن ترحلين سأخبرك بتلك الأفكار الرمادية التي راودتني كثيرًا في الأيام الماضية أبقتني في حالة من الحيرة والصراع، تتصارع الأفكار داخل رأسي وتصنع ضجيجًا لا يمكنني تحمله، هواجس من الفكر، وهلاوس من السمع تستقر في الأفق الأعلى من قلبي وتغلق مداخله كي تبقى وحدها تنهش بمخالبها بقايا عقلي، ولم ينتهِ الصراع إلا تحت حُطام الأقوى.
وأعترف لكِ بضعفي عزيزتي، نعم أنا ضعيفة هشة لا أقوى على هذا، أريد الشيء ونقيضه؛ الحب والفراغ، هل يُعقل أن نحب الحب نفسه دون حبيب؟ هل يمكننا تحويل طاقة الحب العاطفي إلى حب أشياء مادية ملموسة؟
لا أظن هذا، الحب لا يستأذن قبل دخول القلب، ليس له مؤشرات. هو فقط حالة نعيشها لا نعلم سببها، ولا تلك السعادة التي تحيطنا من كل حدب وصوب، ولا لحظات الضعف والخوف والعجز عندما يختفي ذلك الحب، لا ندري مدى الهراء الذي نعيشه، والعبثية التي نحياها حينما نحب. ماذا دهى هذا القلب وجعله يفقد صوابه؟ وجعل دقات زائدة تمنحه الحياة، وتباطؤ النبضات تميته وهو على قيد الحياة؛ بل إنه على قيد العشق، على حافة الانهيار، على شفا جُرفٍ هار تخور قواه حينما يرى من يحب أو يسمع صوته.
الحب وحده كفيل بتغيير مجرى اليوم. الحب وحده من يجعلنا سعداء، نرى العالم يخور تحت أقدامنا لكننا حين نتمسك بيد من نحب لا نبالي، نجري وسط الأمطار، زخات المطر لا تزيدنا إلا بهاءً، تروق لنا الضحكات، نتسامر في كل شيء، نحب كل شيء، ثم تتباطأ دقات القلب، يلومنا العقل، فنهرب إلى اللاشيء وتدور في دائرة مهما زاد قطرها نراها ضيقة، يؤلمنا الليل بطوله فننتظر بزوغ الفجر، وتحرقنا الشمس بحرارة فقدان الحبيب… وهكذا كوميديا الحب السوداء لا تنتهي، عبثية الهوى تقلب القلب علينا.
أهذا صراع يستحق التفكير أم الهروب منه؟!

قد يعجبك ايضا
تعليقات