سامح بسيوني
في ليلة تزينت السماء بالأنوار، ونزلت بها الأدمع بعبرة وحنين ورجاء، وازداد حنينها لتقلب وجه الحبيب، فاستجاب الله لنداء الشفيع، فحولت له القبلة؛ إرضاءً لإمام المرسلين، فصارت الكعبة هي قبلة المؤمنين الموحدين، قبلة أبيهم إبراهيم أبي الأنبياء، وصار الأقصى أولى القبيلتين.. مسرى الحبيب.
كان تحويل القبلة يومًا فرحًا وعزة للحبيب وإكرامًا له بعد طول العناء ودمعة الحزين، ألم يعاهده ربه بعطاء لا حدود له؟! ومن أصدق من الله وعدًا وقيلًا.
فهو خير الحاكمين.
كان يوم الإعلان والنصيحة، بأن القيادة نقلت للعرب بلا ريب أو خسران.
كان يوم اليسر بعد العسر والضيق بعد الفرج، و الاستجابة بعد كثرة الدعاء والإلحاح لرب العالمين بسرعة الإجابة فكان الفرج في الحال.
في يوم تحويل القبلة، أعلنت للبشرية جمعاء بأن أمة أحمد هي الأمة الوسطية بل هم شهداء على الناس يوم القيامة، فهو يوم لا يظلم فيه الإنسان ويصب عليهم الرحمات من رب رحيم بالعباد.
فذاك اليوم امتحن الله قلوب عباده المؤمنين في سرعة التنفيذ لأمر الله فكانت الإجابة على الفور بلا تردد أو شك بل كان الامتثال لأمر الله.
في يوم التحويل فضح الله هؤلاء السفهاء، عندما بلغ حبيبه بأن هؤلاء السفهاء سيشككون في تحويل القبلة من الأقصى إلى البيت الله الحرام، فكان القرآن أصدق قولًا وتأويلًا فهو المعجزة الخالدة على مر الزمان والمكان.
وعند التحويل ظن الأوائل بأن الله أضاع أعمال من سبقوهم فكان الرد بأن الله لا يضيع إيمانكم؛ لأنه هو العادل وليس بظلام للعبيد بأي حال.
وهذا اليوم أعلنها الله صراحة بأن أهل الكتاب يعرفون الحق معرفة أبنائهم، ولكنه الظلم والبهتان ملازم لهم إلا أن يرث الله الأرض ومن عليها في الحال
جاء يوم التحويل؛ محذرًا لرسوله من اتباع أهوائهم؛ لأن اتباعهم ظلم وعدوان وهذا لا يليق بحبيبه العدنان.
فيا أمة محمد، وجهوا وجوهكم نحو كعبتكم بعزة وشرف وكرامة إلى يوم الدين، ووحدوا قوتكم لملاقاة عدوكم في الحال، واعلموا بأن النصر مع الصبر وأن ما بعد الضيق إلا الفرج، وأن بعد العسر يسرًا، فهل وصل لكم الدرس يا أمة الحبيب؟