القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

من ذكريات معلم متقاعد

167

عبدالله القطاري من تونس 

هي التدوينة الثانية في زمن كتابتها وهي الأولى في ترتيب الأحداث زمنيا. مرحلة ما قبل سيدي ظاهر كانت في مندوبية مدنين أُرّخت بتاريخ الخميس 23 سبتمبر 1982 . سافرت يومها الى مدنين بالحافلة بناء على استدعاء وصلني يوم الأربعاء 22 سبتمبر وطلبوا مني الحضور هنالك لأمر يهمّني . 

انطلقت الحافلة من محطة الحافلات ( الزڨم) في الساعة الخامسة وأربعين دقيقة صباحا ووصلت الى مدنين في الساعة التاسعة والربع تقريبا . وبعد تعطّل في الوصول الى المندوبية، واليافطة مكتوب عليها التفقدية ، الكائنة بشارع فرحات حشاد وانتظار طويل مقلق للسيد محمد السدراوي المندوب الجهوي استعنت عليه بمطالعة عدد من مجلة الفيصل السعودية .

حضر السيد محمد السدراوي المندوب الجهوي وبدا لي رجلا خمسينيا طويل القامة ممتلئ الجسم وسيما ذا بشرة وردية برأسه صلع خفيف يرتدي جبة و”سروال عربي ” رأيته مهيبا حقيقة .

_ أراغب أنت في التعليم ؟ 

_ نعم . وإلا فما سبب سفري الى هنا !؟

_ ما معدلك في الباكالوريا ؟ 

أخبرته به .. عندها قام يبحث عن مطلبي الذي تقدمت به في المناظرة لانتداب معلمين وقتيين والتي ألغيت . تصفح ملفي ثم قال لي: 

_ سيكون العمل في ريف تطاوين . وكأني بعينيه تقولان لي ( اعرف علاش قادم !) 

_ يجب أن أعرف كل شيء عن الموقع وإمكانية العيش هنالك. 

_ لا نعلم شيئا عن المدرسة .. وفي الأخير هاهو عنوانك عندنا وإثر العيد تصلك تسميتك و vous serez nommé parmi les premiers . 

لم يبق لديّ ما أقوله وغادرت المندوبية متوجها الى محطة الحافلات للعودة الى صفاقس في حافلة قادمة من بنڨردان تنطلق في الساعة الواحدة بعد الظهر وعشر دقائق .ومن حسن حظي أو من سوئه قضيت السفرة واقفا مدة أربع ساعات تقريبا حتى بلغنا صفاقس . فرح بي أفراد عائلتي و سألوني عما أنجزته في يومي و أخبرتهم بنفسية من كسب جولة بعد سلسلة من الخيبات تلت حصولي على الباكلوريا الى غاية هذا اليوم . أحسست بدنوّ الفرج والخروج من وضع قاسّ تأذيت منه كثيرا . ولم يطل انتظاري وتلقيت تسمية للعمل معلما وقتيا بمدرسة نهج رمادة بمعتمدية رمادة بولاية تطاوين عوضا عن السيد سعيد لعماري . وتشاء الأقدار ألا ألتحق برمادة وأن أحصل على تسمية بمدرسة سيدي ظاهر ببئر علي بن خليفة بفضل الله و سعيٍ من خالي المكي غربال رحمه الله . ولن أنسى ما قاله لي أبي رحمه ( لم أكن لأتركك تذهب للعمل برمادة ) .وشاء الله أن أبتدئ رحلتي في سيدي ظاهر وإنّها لعَمري أم البدايات وبشرى خير في حياتي . 

 

 

قد يعجبك ايضا
تعليقات