القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

هل تستجيب الأم لبكاء طفلها أم تتركه ؟

116

 

 

نهال يونس

 

بكاء الطفل هو نشاط سلوكي طبيعي يحصل يوميًا، خاصة في الأشهر القليلة الأولى، ويتفاعل معه الوالدان لتلبية احتياجاته، وتقديم الرعاية اللازمة له.

 

لكن، وعلى الرغم من قيام الأهل بكل ما يلزم تجاه طفلهم من أجل تهدئته وإسكاته، فإن القادم الصغير قد يستمر في البكاء، وهنا قد يشعر الوالدان بالقلق والتوتر خوفًا من احتمال تعرُّض فلذة كبدهم لأمر أكثر خطورة قد يحتاج إلى عناية طبية فورية.

 

تشمل بعض الحقائق عن بكاء الطفل الرضيع:

 

يبكي الرضيع بمعدل 2 الى 3 ساعات يوميًا، وقد يبدو هذا كثيرًا، ولكن البحوث وجدت أنه طبيعي تمامًا. يمرُّ جميع الأطفال الرضّع في فترات يكون فيها بكاؤهم أكثر، وهناك من يبكي أكثر من غيره، إنها مسألة قد تتعلق بمزاج الطفل.

 

تقول البحوث العلمية بأن فترة الأشهر الثلاثة الأولى من الحياة هي الفترة التي يبكي فيها الأطفال بشكل أكثر، وأن بكاءهم هو الأشد، وقد أفادت دراسات عديدة، أنه خلال الأسابيع الاثني عشر الأولى من عمر الطفل يتِّبع البكاء نمطًا معَيّنًا يُطلَق عليه اسم “منحنى البكاء”، الذي يوصف كالآتي:

 

قد يَنصح البعض من ذوي النوايا الحسنة أن يُترَك الطفل يبكي لأن هذا من شأنه أن يساعده على تهيئة نفسه للنوم، في حين أن البعض الآخر يعارض ذلك.

 

مَن مِنّا لم يسمع بأسطورة “الطفل المدلَّل” في حكايات الزوجات العجائز التي تقول بأن الطفل “يفسد” إذا ما حُمِل كثيرًا، أو إذا كان الآباء يستجيبون بسرعة كبيرة لبكاء الطفل. إلا أنه، ووفقًا للأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، فإن الاستجابة السريعة لبكاء الطفل تؤدي إلى بكاء أقل، وإلى طفل أكثر ثقة واستقلالية فيما بعد، وإلى ضغط أقل على الوالدَين.

 

أظهرت الأبحاث الحديثة أن الاستجابة لبكاء الطفل تحميه من مشكلات الصحة العقلية، ومن ردود الفعل السلبية للتوتر مستقبلًا. المهم أن يفعل الآباء ما في وسْعِهم لزرع الطمأنينة والهدوء عند الطفل، ولا صحة مطلقًا لما يردده البعض حول أن ترك الطفل يبكي لفترات طويلة يجعله يعتمد على نفسه، وينشأ قويًا ومستقلًا.

 

كل الآباء يريدون إجابة قاطعة على هذا سؤال مفاده: هل يجب ترك الطفل يبكي؟ الطبيبة الأميركية توفا كلاين، مديرة مركز برنارد كوليدج لتنمية الأطفال الصغار والأستاذة المشاركة في قسم علم النفس، تقول بأنه لا توجد إجابة قاطعة حول ما إذا كان يجب أن تدع طفلك يبكي أم لا، وأن الأمر متروك للوالدين ليقرِّرا ما هو الأفضل بالنسبة له، خاصة أن عمره وشخصيته الفردية واحتياجاته تلعب دورًا مهمًا حول ضرورة تركه يبكي لفترة معيَّنة أم لا.

 

تجيب الدكتورة كلاين على هذا السؤال: “ما أقوله للوالدين دائمًا هو أن بكاء الأطفال لا يؤذيهم، إنه طريقتهم الوحيدة للتواصل معنا”. وتتابع قائلة: “لا يؤذي الطفل أن يبكي طالما أنه غير مريض، أو لا يوجد شيء خاطئ يشكل خطرًا عليه، فالبكاء هو وسيلة الطفل لتعلم كيفية تنظيم نَفَسه في الليل ليحصل على نوم جيد”.

 

إذا كان الطفل يرضع وكان حفّاضه نظيفًا، ولم تظهر عليه أي علامات المرض، فإنه من الأجدى تركه يبكي حتى ينام. قد يكون هذا الأمر صعبًا على الأهل في البداية، إلا أنه عادة ما يكون أسرع طريقة لمساعدة الطفل على تعلم كيفية النوم خلال الليل.

 

ليس سهلًا التعايش مع بكاء الطفل المستمر، خاصة عندما يستنفد الأهل كل وسائل التهدئة التي في حوزتهم. تقول أرلين هاري، طبيبة الأطفال في مؤسسة سوتر الطبية في سكرامنتو الأميركية، بأنه يجب على الأم أن تَعرِف ما يحبُّه طفلها، لأنه أفضل طريقة للاستدلال على كيفية تهدئته. نسوق في السطور التالية عددًا من الحِيَل التي تساعد على تهدئة العفريت الصغير:

 

قد يفقد غالبية الآباء أعصابهم أمام بكاء الطفل المُفْرِط والمستمر، ما قد يدفع البعض منهم إلى ارتكاب هفوات غير محسوبة العواقب، فإذا شعر أحد الوالدين بأنه لا يستطيع سماع صوت طفله ولو لثانية واحدة، فإنه يتوجب عليه التقيد بالنصائح الآتية تفاديًا للوقوع في المحظور:

 

ختامًا، يبكي كل الأطفال في العالم وفق نمط ثابت للبكاء، فهم لا يبكون كثيرًا في أول أسبوعَين من العمر، ثم يزداد بكاؤهم بشكل مضطرد خلال الأسابيع القليلة المقبلة، ليصل إلى الذروة في حوالي شهرين، ليبدأ بالتناقص تدريجيًا بعد ذلك.

 

إذا كانت الصرخات الأولى للطفل الحديث الولادة هي بمثابة موسيقى تنزل بردًا وسلامًا على آذان الوالدَين، فلن تكون كذلك فيما بعد، إذْ قد يتحول بكاء المولود إلى كابوس مزعج في الأسابيع والأشهر القليلة الأولى من عمره، خاصة عندما تفشل كل المحاولات لإيقاف نحيبه.

 

سيدي، سيدتي، إذا شعر أحدكما بالإحباط، لدرجة أنه يمكن أن يَخرُج عن طوره فيلجأ إلى تعنيف الطفل وهزه هزًا عنيفًا، فإننا نَنصح بالتروِّي، وعدم هزِّ الطفل أبدًا، لأنه قد يُعرِّض دماغه الهشّ إلى تلف دائم يلازمه مدى الحياة، وربما إلى الموت، فصبرًا على بكاء الطفل، والصبر جميل.

قد يعجبك ايضا
تعليقات