في القصر 2
د. مايسة إمام
إذا بوجه تبدو عليه أمارات الوجاهه وتنبئ حُلته الفخمة عن ثراء واضح يقف أمامه ويحملق فيه بغضب ، فانزعج صبر حين صرخ الرجل في وجهه : ” انتي مين خرسيس ، وكيف تسللت لحديقة قصر حظرتنا انتي أكيد لص من لصوص قصور فين خدم ؟! فين حراس ؟ لابد من سچن ، لابد من قطع رقبات ”
أسرع صبر قائلا : أنا صبر ياباشا عامل في السكة الحديد والهيئة هي اللي جابتني هنا في الرحلة المنكوبة دي والله ماسرقت حاجة ، دا أنا غلبان واعرف ربنا وباكلها بعرق جبيني وحتي مفيش معايا غير لقمة صغيرة أم العيال حضرتها لي اتقوت بها اتفضل جابر الزاد
نظر إليه الرجل نظرة مرتابة ثم اردف قائلا : إيه هيئة دي ؟ ومن سمح برحلات في قصر حظرتنا ؟ لا انتي لص زي لصوص قبلك چاي اسرق مملتكات ، وچواهر عائلات ، لابد من عقوبات شديدات، لابد من سچن وچلد
انطلق صبر يشرح للرجل من هو ومن أين اتى ويروي عن حالة وحال أمثاله من المفالسة المهمشين وحياتهم التي لا تشرق فيها سوى شمس المشقة والمعاناة ولا تغرب إلا بحرمان ، لكنه قانع راض ، مكتفٍ بنعمة الستر ولم تمتد يده لحرام يوما
أحس الرجل من صبر صدقا وجلس يشاركه طعامه البسيط الذي أثار اعجابه بشدة ثم التفت لصبر يسأله : تحبي اشتغلي هنا في قصر حظرتنا صبر ؟
فضحك صبر قائلا : اشتغل إيه ياباشا مفيش هنا غير شجر وورد وجناين وانا عامل سكة حديد
لا صبر افهمي انتي هتشتغلي حاچة تانية خاااالص
اشتغل ايه ياباشا ؟……
رد الرجل : اشتغلي خديڤي صبر ، تجلس علي كرسي حكم لمدة سبعة أيام ، تدير حال بلاد وعباد ،حظرتنا أرهق من مشقات ومسئوليات ومشكلات وانتي رجل من رعايا صبر واعرفي تتعاملي مع الرعايا واعرفي احتياچات ومتطلبات شعب زيك …. دي قرارات حظرتنا ، اعتراضات يوك ، اعتذارات يوك ، وإلا قطع رقبات
أخذ صبر يردد في ذهول خديوي. ..أنا الخديوي… إزاي ؟!
غدا جزء جديد بإذن الله
