القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

إرشاد الموهوبين هدف وغاية

158

بقلم دكتورة سلوى سليمان 

يعد الموهوبين ثروةً وطنيةً، وكنزاً لأمتهم وعاملاً من عوامل نهضة مجتمعهم في مجالات الحياة العلمية والمهنية والفنية،ومن ثمّ، فإنّ استغلال قدراتهم استغلالاً فكرياً وتربوياً يُعد ضرورةً حتمية. فالموهوبون والمتميزون في أغلب المجتمعات، هم الذين تقوم على كواهلهم نهضتها، فهم عقولها المدبرة، وقلوبها الواعية، وواضعو الأهداف وراسمو خطط تحقيق تلك الأهداف، ومنهم يظهر القادة في مجالات الحياة المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والصناعية والسياسية والخدمية

وفي الحقيقة إن أغلب الطلبة الموهوبين قد لا تكون لديهم القدرة على أن يشقوا طريقهم بأنفسهم، على الرغم من امتلاكهم لبعض القدرات، إلا أنّ معظمهم لا يستطيعون إظهار هذه المواهب، وتطويرها دون مساعدة الآخرين؛فهم بحاجة إلى خدمات أكاديمية وكذلك انفعالية من خلال فهمهم وتقبلهم ودعمهم،وارشادهم.

وقد بدأ الاهتمام بالحاجات الإرشادية للطلبة الموهوبين متأخراً بأكثر من ثلاثة عقود عن بداية الاهتمام بحاجاتهم التربوية أو التعليمية، ويعود الفضل بداية في إثارة الاهتمام بحاجاتهم الإرشادية للباحثة والمربية “ليتا هولينغويرث “التي ساهمت دراساتها في تسليط الضوء على هذه الفئة كإحدى فئات ذوي الحاجات الخاصة من الناحيتين التربوية والإرشادية، 

 وقدأكدت على وجود حاجات اجتماعية وعاطفية للطلبة الموهوبين ، وعلى عدم كفاية المناهج الدراسية العادية وعدم استجابة المناخ المدرسي العام الذي يغلب عليه طابع الفتور،وعدم المبالاة تجاه الطلبة الموهوبين، بالإضافة إلى وجود فجوة بين مستوى النمو العقلي والعاطفي لهؤلاء الطلبة حيث يتقدم النمو العقلي بسرعة أكبر من النمو العاطفي، كما أشارت إلى ضياع 50% أو أكثر من وقت المدرسة دون فائدة تذكر بالنسبة للطلبة الذين تبلغ نسبة ذكائهم 140 فأكثر.

وعندما بدأت حركة الاهتمام بتعليم الموهوبين، أشارت معظم الكتب والدراسات إلى أن الموهوبين يوصفون بالقدرة على التكيف الاجتماعي والانفعالي المرتفع، مقارنة مع أقرانهم ذوي القدرات المتوسطة، ونتيحة لذلك كانت حركة الاهتمام بالحاجات الاجتماعية والانفعالية لهذه الفئة بطيئة نسبياً، بالمقارنة مع الاهتمام بالنواحي الأكاديمية، بالإضافة إلى وجود بعض المعتقدات الاجتماعية الخاطئة عنهم، تتمثل في أنهم فئة متميزة، وقادرة على شق طريقها في الحياة بقوة ويسر، ولا يمكن أن تتعرض للمشكلات، وهي الأقدر على تطويع البيئة المحيطة، والتكيف معها بشكل أفضل من الآخرين..

ومع تطور حركة تربية الموهوبين، وتطور الاهتمام بحاجاتهم الانفعالية والاجتماعية، زاد الاهتمام بهم، ليكونوا أعضاء مساهمين وفاعلين في تطوير مجتمعهم؛ إلا أن هناك نسبة لا بأس بها منهم تعاني من تدني التحصيل، ومنهم من يعاني من الاكتئاب، وغيرها من الضغوطات التي قد تنبع من وجود معتقدات غير منطقية تدور حولهم وحول مواهبهم، وما يتبعها من ممارسات قد تشكل ضغطاً على مثل هؤلاء الطلبة ولا تسهم في تلبية حاجاتهم. 

وعندما يقترب الطلبة الموهوبون من إنهاء المرحلة الثانوية، يتدخل التربويون والوالدان فيما يتعلق بالدراسة الجامعية واختيار مهنة المستقبل، حرصاً منهم على أن لا تضيع مواهب أبنائهم، إذ يرى هؤلاء الراشدون أن هناك مهناً معينة يستحقها الطلبة الموهوبون كالطب، والهندسة، والمحاماة، بينما ينبغي على الطلبة الموهوبين أن لا يتوجهوا لمهن مثل التدريس، والإرشاد، والعمل الاجتماعي، والتمريض، مما يشكل مصدراً للضغط على الطلبة الموهوبين.

وتُعد عملية تخطيط الوالدين للمهن التي سوف يمتهنها أبنائهم الموهوبين مستقبلا عملية صعبة، فهم لا يعرفون عادة ماذا سيفعلون “بقية حياتهم”. وعلى الرغم من نجاحهم وتفوقهم أكاديمياً إلا أن ذلك لا يعني أن لديهم خطة حول مهنة المستقبل، فقدراتهم وطموحاتهم قد لا تتحقق في أعمال هادفة أو مخططة  

وفي الأخيرالتلاميذ الموهوبين فئة خاصة مميزة تحتاج بعد اكتشافها وتحديدها الى رعاية متكاملة , ويتطلب الامر ارشادهم , وليس التدخل المفرط في اختياراتهم , لذا يجب أن نترك لهم زمام الامور كي يشعرون بذواتهم,ويخططون لمستقبلهم بكل استقلالية، فهؤلاء يفكرون، ويتصرفون بطرق متقدمة ومختلفة عن الآخرين الذين هم في سنهم .

قد يعجبك ايضا
تعليقات