القاهرية
العالم بين يديك

منزلة الإمام الأعظم في حفظ السنة

117

كتب_د.فرج العادلي

لما سئل يحيى بن معين _رحمه الله تعالى_ متى يفتي الرجل؟ فقال: لا يجوز له الفتوى قبل أن يحفظ خمسمائة ألف حديث.

( ملاحظة إذا كان الحديث له خمسة أسانيد مثلا فإن العلماء يعتبرونه خمسة أحاديث حتى وإن كان المتن واحدا)

كان الإمام ابن معين يجل الإمام أبى حنيفة_رحمه الله _ ويقدمه على غيره من الفقهاء، والعلماء، ويرى أن الفقه هو فقه أبي حنيفة.

لذلك قال بعض العلماء: دل ذلك على أن ابن معين وهو أحد أبرز وأقوى أئمة الجرح والتعديل على مدى عصور وحتى يوم الناس هذا قد عَلِمَ مكانة أبي حنيفة في حفظ السنة النبوية المطهرة، وشهد له وقدمه في الفقه، والفقه كما هو معلوم مستنبط من أول أصلين هما الكتاب، والسنة ثم ما بعدهما

ويدل على هذا أيضًا موقفٌ آخر : كان أبو حنيفة يستمع للحديث في مجلس الأعمش_رحمه الله تعالى_والأعمش هو أحد أئمة الحديث، بل هو شيخ المحدثين في عصره كما وصفه الإمام الذهبي _رحمه الله تعالى_، وكان الأعمش يحدث ولا يُحبُ أن يكثر من الحديث، وكان طلابُه أحيانًا يعانون الصعاب حتى يسمعون منه حديثًا واحدًا منه.

وفي يومٍ ما جاء رجل في مجلس الأعمش وسأل أبا حنيفة عن مسألةٍ في الفقه، فأفتاه أبو حنيفة والأعمش يسمع، فعجب الأعمش للجواب أشد العجب! ثم قال من أين أتيت بهذا الحكم يا نعمان؟ فقال أبو حنيفة حدثتنا عن فلان عن فلان عن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ وذكر أبو حنيفة عدة أحاديث بعدة أسانيد رواها عن الأعمش نفسه عن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ ومازال يسردها سردًا ! حتى وصل للمتن الذي استنبط منه الحكم

فانتفض الأعمشُ قائلا حسبك. (يعني توقف) ماحدثتُ به في شهر تسرده أنت أمام الطلاب في ساعة؟!

فدل ذلك على أمور منها.

١_ سعة حفظ أبي حنيفة للسنة النبوية المطهرة مما جعله يفوق كثيرًا من أقرانه وسلفه، ولولا ذلك ما سلموا له بالإمامة.

٢_ رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، فقد استخرج أبو حنيفة أحكامًا لم يعرفها الأعمش مع أنه هو من نقلها إلى أبي حنيفة وغيره.

رحم الله الإمام الأعظم وجميع أهل العلم العاملين.

قد يعجبك ايضا
تعليقات