القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

أسبوع الفيلم الياباني

171

سهام سمير

ضمن فعاليات أسبوع الفيلم الياباني، شاهدتٌ فيلمًا بعنوانafter sunset
الفيلم يحكي عن طفل مُتبنى لأحد الأسر التي تقطن جزيرة لها خصوصية في اليابان.
يبدأ الفيلم بحفل يبتهج فيه أفراد الأسرة ويدور حوار حول الأطفال والإنجاب لتقول البطلة جملة ظلت عالقة بذهني هي جملة سيأتي ذكرها لاحقا:
تصف البطلة محاولات الإنجاب ومع كل عملية تفقد فيها الأمل كأنك تلاحق هدفا متحركا”
حينها تتوقف عن المحاولة وعوضا عنها قرر الأبوان تبني الطفل.
أما عن الطفل فكل من على ظهر الجزيرة شارك في تربيته، وأما عن المضي في إجراءات  التبني حسب القانون في اليابان يكون في سن الثامنة ويشترط موافقة الأم البيولوجية للطفل.
وأما عن الأم البيولوجية فنعرف من سياق الأحداث أنها إحدى المنتقلات حديثا للجزيرة، أكملت عامها الأول في الجزيرة وظلت صامتة طوال العام رغم معرفتها بابنها من أول مرة رأته فيها.
تتصاعد ذروة الأحداث مع مواجهة الأم البيولوجية والأم المتبناة لبعضهما وتمسك كلتاهما بأحقيتها في أن تعيش مع الطفل.
الأم المتبناة ترى أن أمه التي ولدته تخلت عنه في أحد مقاهي الانترنت، تركته هناك وعمره شهور.
يحكي لها المسئول عن إجراءات  التبني الظروف التي قد تكون دفعت الأم لذلك، حيث أنها كانت تعاني الفقر والعنف من الشريك أثناء فترة الحمل، وأنها تركت الطفل في المقهى وحاولت الانتحار.
بعد فترة عقوبة قضتها الأم، حصلت فيها على تأهيل ووظيفة عادت بعدما عرفت مكان الطفل على الجزيرة لاسترداده.
ترى الأم أنها حرمت منه وآن لهما أن يعيشا سويا، في حين ترى الأم المتبناة أنها اعتنت به هي وأسرتها منذ كان رضيعا، وتحمل معها الدليل أينما ذهبت، دفتر يوميات بصور الطفل منذ نعومة أظفاره وحتى الآن!
في مشهد مؤثر تحمل الأم البيولوجية معها لعبة الطفل المفضلة، وتحتفظ بها وتخبئها له.
تحاول الأم البيولوجية طوال الوقت أن تقنع أمه المتبناة أنها تريد الطفل وفقط. ولا تعرف أنها بطلبها هذا تسلب منها حياتها بالكلية.
تلك الحياة التي يمثل فيها الطفل كل اهتماماته هي وزوجها وحماتها.
مرة من تلك المرات التي اقتربت فيها الأم البيولوجية من حجرة الطفل، حجبت عنها الأم المتبناة كل ذكريات ومقتنيات الطفل بستارة أسدلتها أمامها.
شكلت تلك الستارة حاجزا بين الأم وما لا تعرفه عن ابنها في سنواته الأولى.
..
رغم بنايات الجزيرة المصمتة والفراغات التي تظهر بقوة في المشاهد إلا أن البيوت من الداخل دافئة، سكان الجزيرة يعشقون الرقص ودق الطبول، والألوان، يصيدون السمك، ويطهونه بطرق متنوعة ومختلفة.
يشربون الشاي وهم جلوس على الأرض، يلتفون حول منضدة مربعة أو دائرية وتشعر بقربهم الشديد، والود والحميمية في حوارهم.
تحكي الجدة للطفل حكاية لينام، وتلعب معه الكوتشينة وتفوز عليه، فيغضب، فتمسك بكفه الصغير تنقر عليه بضع نقرات وتنفث في يدها هواء، كأنها تشرب شيئا ما وتبتلعه وتخبر الطفل أنها ابتلعت كل طاقته السلبية وإن نام الآن سيرى أحلاما سعيدة.
البحر مصدر الرزق والراحة هناك، يذهبون إليه للعمل، أو الهروب من مشاكلهم والسباحة فيه ليتخلصوا من كل أفكار سلبية ومزعجة.
ترمز الأم في الفيلم للوطن الواحد، بشقيه البدائي البسيط، والمتحضر.
الأم وطن يحتضن أبناؤه حتى يقرروا يوما ما الرحيل، فتجتذبهم المدن الساحرة.
في حوار يدور بين الجدة والأم البيولوجية تخبرها فيه، أنها حتى لو تمسكت بالطفل الآن، كلها سنوات ويترك الجزيرة في مرحلة الثانوي، وقد لا يعود لها مرة أخرى.
أؤمن أن المشاعر الإنسانية واحدة، رغم زعمنا أننا شعوب عاطفية وغيرنا شعوب لا قلب لها.
اليابان التي يضرب بها المثل في النظام والصرامة، تتمتع بحضارة عظيمة وأي شعب له تاريخ وحضارة لا يخلو هذا التاريخ ولا تلك الحضارة من مشاعر إنسانية وحكمة ودفء.
ينهي الطفل الصراع القائم بين البطلتين، بحوار بسيط يقوله لأمه البيولوجية دون أن يعي مدى صلتها به:
يخبرها أن السمكة ذات الذيل الأصفر لها أمهات عديدة، وهو يعتبر نفسه مثل هذه السمكة، وكل من على الجزيرة أمه حتى الرجال!
عٌرض الفيلم ضمن فعاليات أسبوع الفيلم الياباني وأعترف أني عرفت جانبا جديدا من الثقافة اليابانية والمشاعر الإنسانية والتي تظهر بوضوح في هذا الفيلم؛ والذي طرح موضوعا شيقا بأسلوب يمزج بين الشجن والفخر والانتماء.

قد يعجبك ايضا
تعليقات