القاهرية
العالم بين يديك

مواجهة الألم النفسي

154

كتبت/سالي جابر

تصدعت القلوب وانكسرت جدرانها، وأصبح الحزن والألم يسيران  داخل شريانها، أصبح الجميع مهمومًا، حزينًا، خائفًا؛ ربما موجوعا بما يحمله قلبه، وليس لديه القدرة ليقصه علي أحد؛ لكن عيناه تستقوى عليه وتُظهر ما به من آلام، وأحيانًا تخونه دمعة وتسقط هاربة من سجن الضعف، لتروي بين سَكناتها آلامًا، الكل يبكي حاله ويرثي نفسه بين جدران غرفته، ويتساءل: لماذا هذا الحال الذي وصلت إليه، ماذا أفعل لأكون أفضل، أول ما يخطر بباله الذهاب إلى طبيب نفسي للحصول علي مهدئ أو منوم.
يشعر بأرق، اكتئاب، عدم الرغبة في الحديث، أو الخروج. هو يذهب فقط إلي عمله بعيون منتفخة نتيجة قلة النوم، وآلام شديدة في جسده، وهو يعلم تمام العلم بأن هذه الأعراض الجسدية نتاج حالته النفسية السيئة؛ لكنه لا يعلم سبب هذه الحالة، هو فقط يريد أن ينام كي يستطيع التركيز في عمله، وبمجرد تفكيره في زيارة طبيب نفسي، تزداد ضربات قلبه، وتسيطر الكآبة علي ملامحه لعدم قدرته علي سعر الكشف- موجوع بائس حتي في أبسط حقوقه-
الألم النفسي له أسباب عديدة ومختلفة، لكل شخصية آلامها وقدرة تحمل لهذا الألم؛ لكن الألم النفسي لم يحدث نتيجة لموقف واحد أو اثنان؛ بل عدة مواقف واضحة جلية أمام الأعين، وأحيانًا بمواقف غير منتهية، ينهيها العقل الباطن بطريقة غير صحيحة ومع أُناس خطأ.
أحيانًا لإنك لم تحدد دورك في علاقاتك، ولم تخترها بعناية، ولا تعرف متى تكتفي بنفسك وكيف!!
أحيانًا لإنك عانيت في صغرك من سلسلة الأخطاء التربوية التي ضخمت لديك عقدة الذنب، وجعلت من كل كيانك ضمير يتحكم في كل قراراتك وخطواتك.
كم مرة أردت أن تقف أمام مديرك وتُخرسه عن أوامره وتهديداته ؟!
كم مرة أردت أن تقول لوالدك أن هذا الأمر لا يليق به لكنك لم تستطع؟!
كم مرة رغبتِ في صرخة مدوية أمام أوامر زوجك وصمتي خوفًا منه؟!
فكل هذه مواقف لم تنتهِ بعد، تركت فيك آلامًا نفسية عديدة.
كم مرة وجدتِ في علاقتك مع زوجك إهانة وذل ولم تستطعِ أن تطلبي الطلاق خوفًا من المسؤلية وحدك؟!
كم مرة هددكِ خطيبك بالبعد والفراق وبكيتي حد انسحاب الروح من الجسد لتسترقي قلبه للبقاء معك؟!
كم مرة حاولت أن تنجح بمجموع عالٍ لتحقق رغبة والدك في الالتحاق بالكلية التي يتمني، ونسيت أحلامك أنت من أجل تحقيق رغبته؟!
هل فكرت مرة في الدور الذي تلعبه في علاقتك مع والدك، زوجك، زوجتك…..؟!
هل فكرت في كونك الضحية أم الجاني ؟!
فكونك تعيش دور الضحية رغم قدرتك علي تبديل دورك، جعل منك شخصًا هشًا نفسيًا، تُضعفه كلمة، تدمعه نظرة، كالذي بكى مرارة الشاي، إن الصخرة لم تتحطم لتساقط قطرة الماء عليها؛ لكن نتيجة لتوالي هذه القطرات تِباعًا .
كل ما عليك فعله لمواجهة الألم:
• تحديد دورك في علاقتك مع الآخرين هل أنت الضحية أم الجاني.
• ‏استرجاع الذكريات لتذكر المواقف التي لم تنتهِ بعد لإنهائها.
قد لا تستطع أن تذهب لمديرك لتُلقي عليه كل مشاعرك هذه؛ لكنك تستطيع تحديد المشكلة ومن ثَمَّ علاجها، إما أن تتجرأ وتذهب إليه فعلًا وتلقي عليه ما في جعبتك، ثم تحاول أن تسامحه- إن استطعت- أو تذهب للعلاج بطريقة السيكودراما والتي بها تتخيل وجود مديرك جالس أمامك وتقول له ماتشاء- وهذا علي يد متخصص-
• إنهاء كل العلاقات المؤذية للأشخاص مصاصي الدماء الذين يحاولون جعلك دُمية يحركونها بأيديهم، ويجعلون أفكارك من أجل مشارعهم، وكأن حياتك من أجلهم.
• ‏تقبل ذاتك، وكُن أنت، وحدد ملامح بيتك النفسي، وحدد من يتجول به، ومن تأذن له بالدخول.
ربما تكون هذه الكبسولة مُكلفة؛ لكن مفعولها أكيد وممتد وسريع دون آثار جانبية، لإن تصحيح مسار حياتك، وتغير أفكارك يحتاج منك مجهودًا ووقتًا، وتذكر دائمًا أن لديك ( فلتر) تستطيع من خلاله الإحساس بمن الشخص الجيد أو السئ الذي يدخل حياتك ويلعب دوره في تغيير أفكارك.

قد يعجبك ايضا
تعليقات