القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

بين أُحَدٍ واليرموك

117

بقلم _ حسن محمود الشريف
فى غزوة أحد نجد أن القائد العام لجيش المشركين أبو سفيان صخر بن حرب
وقائد الميمنة خالد بن الوليد وقائد الميسرة عكرمة بن أبى جهل،
وفى هذه الغزوة انتصر المشركون وشُجَّ وجه النبيّ وكُسِرت رباعية النبى وسال الدم من وجه النبى -صلى الله عليه وسلم-
فقال النبى – صلى الله عليه وسلم – ” كيف يفلح قوم شدوا وجه نبيهم وأسالوا الدم من وجهه ” ، فنزل جبريل عليه السلام بقول الله تعالى : ” ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فهم ظالمون ” فيقول الصحابة فعلمنا أن الله سيتوب على القوم لانه سبحانه وتعالى قدم التوبة على العذاب ودخل القوم الإسلام ومرت الأيام وبعد عشرة أعوام وبعد أن مات النبى – عليه الصلاة والسلام – وتأتي موقعة اليرموك فكان أبو سفيان قائد الشئون المعنوية وقد جاوز التسعين من عمره وفقد عينه وكان يخطب فى الجيش يحثهم على الثبات والقتال ، وكان خالد بن الوليد القائد العام للجيش، وكان عكرمة بن عمرو بن هشام ( عكرمة بن أبي جهل) قائد كتيبة الموت،
وكان ذلك بعد موت النبي – صلى الله عليه وسلم – ،فلم يكن أحد منهم يريد أن تكون له يد عند
النبي – صلى الله عليه وسلم – ولكن الإسلام هو الذي جعل هؤلاء الرجال يفعلون ما فعلوا ،
وعندما أوشك نصف مليون من الروم على تدمير جيش المسلمين بعد أن قاموا بمحاصرتهم من كل جانب
تناول هذا البطل الإسلامي الفذ سيفه واتخذ القرار الأصعب على الإطلاق في حياة أي إنسان ، لقد اتخذ عكرمة قرار الموت ، فنادى
بالمسلمين بصوت يشبه الرعد: ” أيها المسلمون من يبايع على الموت؟ فتقدم إليه ٤٠٠ فدائي ، ليكوِّنوا ما عرف في التاريخ باسم “كتيبة الموت الإسلامية “، عندها اتجه خالد بن الوليد نحو عكرمة وحاول منعه من التضحية بنفسه، فنظر إليه عكرمة والنور يشرق من جبينه وقال:
إليك عني يا خالد فلقد كان لك مع رسول اللّه سابقة، أما أنا وأبي فقد كنا من أشد الناس على رسول اللّه فدعني أكَفّر عما سلف مني ولقد قاتلت رسول الله في مواطن كثيرة، وأفر من الروم اليوم!؟ إن هذا لن يكون أبدًا،
فانطلقت كتيبة الموت الإسلامية ، وتفاجأ الروم بأسود جارحة تنقض عليهم لتكسر جماجمهـم ،
وتقدم الفدائي تلو الفدائي من وحدة الموت العكرمية نحو مئات الاَلاف من جيش الإمبراطورية الرومانية ، وتقدم عكرمة بن أبي جهل بنفسه إلى قلب الجيش الروماني ليكسر الحصار عن جيش المسلمين ، واستطاع فعلًا إحداث ثغرة في جيش العدو بعد أن انقض على صفوفهم انقضاض طالب الموت ،
فأمر قائد الروم أن تصوب كل السهام نحو هذا الفدائي.
‏فسقط فرس عكرمة من كثرة السهام التي انغرست فيه، فوثب قائد كتيبة الموت الإسلامية الفدائي البطل عكرمة بن أبي جهل من على ظهر فرسه وتقدم وحده نحو عشرات
‏الآلاف من الروم يقاتلهم بسيفه ، عندها صوب الروم سهامهم إلى قلبه ، فلمّا رأى المسلمون
‏ذلك المنظر الإنساني البطولي، اختلطت المشاعر في صدورهم ، فاندفع فدائيو كتيبة الموت
‏العكرمية نحو قائدهم لكي يموتوا في سبيل اللّه كما بايعوه ، فلم يصدق الروم أعينهم وهم
‏يرون أولئك المجاهدين الأربعمائة يتقدمون للموت المحقق بأرجلهم ، فألقى الله في قلوب الذين كفروا الرعب، فرجع الروم القهقرى ، ولاذوا بالفرار وصيحات اللّه أكبر تطاردهم من
‏أفواه فدائى عكرمة ، فاستطاعت تلك الوحدة الاستشهادية كسر الحصار عن جيش المسلمين ،
‏ففتش خالد بن الوليد على ابن عمه عكرمة ليجده وهو ملقى بين اثنين من جنود
‏كتيبته الفدائية : (الحارث بن هشام) و(عياش بن أبي ربيعة ) والدماء تسيل منهم جميعًا،
‏فطلب الحارث بن هشام بعض الماء ليشربه، وقبل أن يشرب قطرة منه نظر إلى عكرمة بن ابي جهل وقال لحامل الماء:
‏اجعل عكرمة يشرب أولًا فهو أكثر عطشا مني، فلما اقترب الماء من عكرمة أراد أن يشرب لكنه رأى عياشًا بجانبه فقال لحامل الماء : احمله إلى عياش ‏أولًا
، فلما وصل الماء إلى عياش قال : لا أشرب حتى يشرب أخي الذي طلب الماء أولا ،
‏فالتفت الناس نحو الحارث بن هشام فوجدوه قد فارق الحياة ، فنظروا إلى عكرمة فوجدوه قد استشهد، فرجعوا إلى عياش ليسقوه شربة ماء فوجدوه ساكن الأنفاس وقد مات إنهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
‏وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

قد يعجبك ايضا
تعليقات