القاهرية
العالم بين يديك

عفن

125
كتبت / رشا فوزي
– البداية كانت بقعة خضراء صغيرة أسفل عيني اليسرى، لم أبالي بها ظنا مني إنها كدمة مجهولة المصدر!.
كنت أتابع حديثها، وأنا أتأمل ذلك الوشاح الذي حرصت أن يغطي كل رأسها، فلا يظهر من وجهها سوى العينين.
– ثم لاحظت أن تلك البقعة تتمدد، وتتسع يوما بعد يوم، حتى احتلت وجهي كله بل وغزت جسدي أيضا،
إني ببساطة أتعفن يا دكتور!،
وقد ذهبت للعديد من أطباء الأمراض الجلدية، لكنهم فشلوا في علاجي حتى دلني آخرهم عليك، وقد أكد لي أنني سأجد علاجي عندك بأذن الله.
تمتمت وأنا أقلب في بعض الأوراق أمامي:
-بأذن الله.
ثم وأنا أنظر إليها :
-هل تسمحين لي بإلقاء نظرة.
بتردد رفعت الوشاح عن وجهها، بينما أرتدي قفازا طبيا، واقتربت منها لأتفحص الجلد المصاب بدقة وعناية:
– هل تشعرين بحكة؟
– لا
– هل تصاحبه أعراض أخرى غير تغيّر لون الجلد؛ كارتفاع درجة الحرارة، ظهور بثور، أو جفاف الجلد وتشققه ثم سقوطه؟
نظرت لي بقلق، وهي تقول:
– لا، كل ما في الأمر تحول لون وجهي للأخضر!
ابتعدت عنها؛ معلنا انتهاء الفحص بخلع قفازي وإلقاءه في سلة المهملات، بينما أعادت هي إسدال الوشاح على وجهها.
نظرت لها بجدية وأنا أقول:
– الخبر السار أن المرض لا يزال في أطواره الأولى، و هو مرض نادر جدا سيدتي لا يصيب إلا قلة قليلة، أما الخبر السيئ فإن كل الأعراض السابق ذكرها ستصيبك تدريجيا ما لم نبدأ في العلاج فورا ونلتزم به بدقة متناهية.
أجابت بهلع :
– سأنفذ كل ما تطلبه مني يا دكتور بمنتهى الدقة والالتزام.
-أذن أستطيع أن أعدك بالشفاء العاجل بأذن الله.
وبدأت أكتب لها الروشتة؛ واصفا كيفية استخدام الأدوية، وجرعاتها، وأوقات تناولها، عندما انتهيت ابتسمت لها وأنا أناولها إياها، مُبديا انتهاء الكشف.
وما إن انصرفت حتى دخل رجلا في العقد الرابع من عمره، ملهوف؛ وقد سألني مباشرًة:
-ما رأيك يا دكتور هل هناك أمل في شفاءها؟!
أجبته وقد عدت أنظر في ملفها المفتوح أمامي:
– هي زوجتك منذ خمس سنوات؟
-نعم ولدينا طفلان.
– تعمل ك..
– موظفة حكومية يا سيدي.
– مكتوب أمامي أن زوجتك عاشقة للقراءة، محبة للخيال.
– ولها محاولات في الكتابة أيضا، لكنها لم تصادف نجاحا.
تطلعت له وأنا أقول:
-ما لديها هي حالة هلاوس بصرية نتيجة ضغوط نفسية تعانيها، مع العلاج والمتابعة الأمل في الشفاء دائما موجود بأذن الله.
قد يعجبك ايضا
تعليقات