القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نشأة ابن خلدون

132

متابعة عبدالله القطاري من تونس

وُلد ابن خلدون في تونس في شهر رمضان من عام 732هـ، وامتازت الفترة التي نشأ فيها ابن خلدون بانتشار العلم، ووفرة الأدب، لا سيّما أنّه تلقى فن الأدب عن والده، كمّا أنّه التحق بمجالس العلم التي كانت تضُم عدّة علماء كبار كان منهم قاضي القضاة محمد بن عبدالسلام، والرئيس أبي محمد الحضرمي، والعلامة الآبلي، فما بلغ ابن خلدون سن العشرين حتى تميّز بعلمه وأدبه، وعُرفَ بعبقريتهِ، فاستدعاه أبو محمد بن تافراكين إلى البلاط الملكي لكتابة العلامة عن السلطان أبي اسحاق، وهي ” الحمد لله والشكر لله” التي تُكتب بالقلم الغليظ ما بين البسلمة وما بعدها، سوآء كانت مخاطبة أم مرسوم، ومنذ ذلك بدأت حياة ابن خلدون السياسيّة.

ابن خلدون في المغرب:

شغل ابن خلدون في المغرب أكثر من منصب، والتي يُذكر منها ما يأتي:
كتابة العلامة عن السلطان أبي عنّان سنة 775هـ: حيث اعتبرت المهمة الثانية من نوعها التي وُكِّل بها ابن خلدون، وهي الكتابة للسلطان أبي عنّان حيث وكّله بها لِِما عرّفه عنه من مجالسته لأهل العلم في المجالس التي كان يحضرها، إلا أنّه لم يستمر في هذا المنصب لوقت طويل حيث عُوقب بالسجن سنة 756هـ لاتهامهِ بأنّه ساعد الأمير محمد لاسترجاع ملكهِ، فمكث في السجن قرابة العامين، إلى أن كتب قصيدة استعطف بها السلطان لإطلاق سراحه فكان لها أثر في نفس أبي عنّان، فوعده أنّ يفك أسرهُ، لكنه توفي قبل أن يفي بوعده. الكتابة عن السلطان أبي سالم في السّر والإنشاء سنة 760هـ: طلب السلطان أبو سالم ابن خلدون بعدما ساعده في استرداد ملكه للكتابة له، وذلك لسعة علمه وبلاغتهِ، ومهاراته في كتابه رسائل السلاطين، والقدرة على نظم الشعر، وإتقانه لفن الخطابة، وغيرهما من فنون. خطة المظالم: وهي المهمة الثانية التي وُكِّل بها ابن خلدون من قِبل السلطان أبي سالم في أواخر عهده في المغرب، حيث تقوم على القضاء بين الناس، وإقامة العدل، وإعطاء كل ذي حق حقه، وأشار ابن خلدون إلى أنّه أعطى هذه المهمة حقها طيلة تسلمه إيّاها.
الحجابة لدى صاحب بجاية: عمل ابن خلدون حاجباً لدى السلطان بجاية بن أبي عبد الله، ويعتبر منصبه هذا الأول له في الأندلس، ويُعرِّف ابن خلدون الحجابة في المغرب فيقول: “الاستقلال بالدولة والوساطة بين السلطان وبين أهل دولته”، حيث يُعتبر الحاجب هو المسؤول عن شؤون الناس، إذ يملك في يده زمام أمور الدولة كافّة، وهو الأمر الذي يتطلب أن يكون صاحب هذه الوظيفة على قدر عالٍ من العلم والثقافة والنباهة، وقد اجتمعت هذه الصفات في ابن خلدون، فكان مصدر ثقة للعديد من السلاطين الذين استعانوا به لاسترجاع ملكهم.
الحجابة لدى صاحب قسنطية: تسلّم ابن خلدون الحجابة بقرار من السلطان أبي العباس بعد مقتل أمير بجاية، وذلك لمساعدة ابن خلدون له في استعادة ملكه، لكنّه لم يمكث طويلاً في هذا المنصب؛ لكثرة استعانة الناس به عند السلطان.
السفارة: استعمل سلطان المغرب عبدالعزيز ابن خلدون ليقويّ علاقتهُ مع أهل بلاد ريّاح، فعيّنهُ سفيراً فيها لعلاقتهِ الطيبة مع أهلها، كما شغل سفيراً للسلطان أبي حمّو في منطقة الدوادة أيضًا ليوطّد العلاقة بين أهلها والسلطان، وبعد فترة ترك ابن خلدون السفارة ثمّ خرج إلى أحياء أولاد عريف، ومكثّ في قلعة أبي سلامة قرابة الأربعة أعوام تفرغ خلالها للكتابة، فخرج بمقدمته المشهورة مع أجزاء من التاريخ.

ابن خلدون في الاندلس :

في الأندلس طلب السلطان أبو عبد الله بن الأحمر من ابن خلدون أن يذهب إلى ملك قشتالة عام 7655هـ لإقامة الصلُح بينهما، فرحبّ به ملك قشتالة بشدّة، وطلب منه أنّ يبقى في قشتالة على أنّ يردّ له ملك أجداده، لكنّ ابن خلدون رفض ورجع إلى السلطان ابن الأحمر مبشراً إيّاه بأداء ما أرسله لأجله.
ابن خلدون في مصر:

شغل ابن خلدون مناصب ومهمّات عدّة في مصر، وفيما يلي ذكر لبعضها:
القضاء الخاص بالمالكيّة: شغل ابن خلدون منصب قضاء المالكيّة، حيث كان أولها عام 786هـ بأمر من الملك الظاهر برقوق، إذ خوّله لذلك ما كان يملكه من معارف وخبرات، ثمّ أُعيد تعينه بذات المنصب عام 801هـ، أمّا المرة الثالثة فكانت بأمر من الملك السلطان فرج عام 803هـ، فيما كانت الرابعة سنة 804هـ، أمّا المرة الخامسة فكانت عام 807هـ، والتي لم تدم لأكثر من أربعة أشهر بسبب وفاته.
وظيفة التدريس: عمل ابن خلدون في وظيفة التدريس في مصر في أماكن عدّة، حيث كانت بدايتهُ مدرساً في جامع الأزهر، ثم انتقل إلى مدرسة القمحيّة بأمر من صلاح الدين بسبب وفاة بعض المدرسين فيها، كما شغل وظيفة التدريس في مدرسة الظاهرية أو البرقوقية، كما عمل كمدرس لمادة الحديث في مدرسة صرغتمش عام 791هـ. منصب ولاية خانقاه بيبرس: شغل ابن خلدون هذا المنصب خلفاً لشرف الدين الأشقر، وذلك بعد عودتهِ من أداء فريضة الحج عام 790هـ، بطلب من السلطان الظاهر لتوسعة رزقهُ.

تقسيم مراحل حياته وفقاً للعلماء :
قسّم علماء التاريخ المراحل التي عاشها العالم ابن خلدون إلى أربع مراحل، وهي:
المرحلة الأولى: تشير هذه المرحلة إلى أول عشرين عاماً من عمر ابن خلدون، حيث قضاها في مدينة تونس، وهي المرحلة التي جمع فيها العلم، وحفظ فيها القرآن حيث استغرق منه حفظهُ خمسة عشر عاماً، وتعلّم خلالها القراءات وأحكام التجويد، وامتدت هذه المرحلة منذ ولادته عام 732هـ إلى عام 751هـ.
المرحلة الثانية: امتدت هذه المرحلة خمسة وعشرين عاماً بدءاً من عام 7511هـ وحتى عام 776هـ، حيث تتسم هذه المرحلة بإشغال ابن خلدون لوظائف سياسيّة وديوانية عدّة في المغرب، وتونس، والجزائر.
المرحلة الثالثة: كتب ابن خلدون في هذه المرحلة كتابه المشهور”العبر في المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والأمازيغ ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر”، والذي يحتوي في قسمه الأول على المقدمة، وامتدت منذ نهاية عام 776هـ إلى عام 784هـ، وتُقسم هذه المرحلة إلى قسمين الأولى قضاها في قلعة ابن سلامة، والثانية في مدينة القاهرة.
المرحلة الرابعة: امتدت هذه المرحلة أربعة وعشرين عاماً، وهي المرحلة التي اشتغل فيها ابن خلدون في وظائف التدريس و القض

قد يعجبك ايضا
تعليقات