كتبت/سالي جابر
جميعنا يأمل في تأسيس بيت أعمدته التقوى، وأسقفه الإيمان، يمتلأ بأطفال منذ نعومة أظافرهم يسيرون على نهج الهدى ومحبة القرآن، لا يكلون حفظًا لكتاب الله، ولا يملون الصلاة، ولأن الصلاة عماد الدين، وثاني أركان الإسلام بعد الشهادتين، وسر تهذيب المسلم لنفسه، وهى انعكاس للطريقة التي يريد المسلم أن يحيا بها دنياه، وما يدخره لأخرته؛ فلابد من تحبيب أطفالنا في الصلاة دون ترهيب، فلقد أُمِرنا بالصلاة لعظم شأنها ولأنها أساس البناية السليمة التي تقودنا إلى الطريق القويم فقال تعالى-” يا أيُّها الّذيِن آمَنُوا قُو أَنفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُم نَارًا وَقُودُها النَّاسُ والحِجارة”
“وأْمُر أَهْلَكَ بالصَّلاةِ واصْطَبِر عليها لا نَسْألك رِزقًا نحْنُ نَرْزُقُك”
وقال عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم -” وجُعلت قرة عيني في الصلاة”
“رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة”
فإن علينا تدريب أطفالنا الصغار بداية من سن السابعة كيفية حب الصلاة، والإتيان لها والإتقان فيها رغبةً وليس رهبة. فعن عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -:”مُرُوا صِبيانكم بالصلاة لٍسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين، وفَرِّقوا بينهم في المضاجع” رواه أحمد وأبو داود.
ولكن لماذا في السابعة؟!
وماهي طرق تحبيب الطفل للصلاة؟!
لكل مرحلة عمرية خصائصها التي تميزها عن غيرها، والطفل في سن السابعة تتغير ملامح النمو العقلي لديه
• الانتباه: يزداد مدى الانتباه وحدته؛ لكن طفل السابعة لا يستطيع التركيز إلا في موضوع واحد لمدة طويلة.
• التذكر: ينمو التذكر الآلي عن طريق الفهم، ويستطيع طفل السابعة تذكر خمسة أرقام، وتزداد قدرته على الحفظ فهو يستطيع حفظ حوالي عشرة أبيات من الشعر.
• التفكير: ينمو التفكير المجرد (تفكير في معاني الكلمات).
• التخيل: ينمو التخيل من الإبهام إلى الواقعية والإبداع والحقيقة.
• ينمو حب الاستطلاع لديه
• المفاهيم: التقدم من المفاهيم البسيطة نحو المفاهيم المعقدة، ومن المفاهيم المتمركزة حول الذات إلى المفاهيم الأكثر موضوعية، ومن المفاهيم المادية المحسوسة إلى المجردة والمعنوية.
وهذا يعني أن قدرته العقلية تسمح له بشرح مبسط لمعنى الصلاة وكيفيتها، وحفظ آيات من القرآن الكريم، والتحدث معهم عن بعض مواقف الرسول -صلى الله عليه وسلم -مع الأطفال.
ومن الطرق التي تساعد على جعل الصلاة أساسية في حياة الأطفال:
• ربط مواعيد الأسرة بمواقيت الصلاة؛ فإذا طلب منك طفلك شيء فلتقل له سنفعل بعد صلاة كذا…
• الطفل يتعلم بالمحاكاة؛ فعليك أن تترك ما في يديك لتذهب إلى الصلاة.
• ولأن لدى الطفل في هذه المرحلة حب التملك؛ اجعل له ركن في البيت للصلاة، واشتري له سجادة صلاة خاصة به.
• تعويد الطفل على حفظ عدد معين من الآيات -حسب سعة الذاكرة لديه- يوميًا حتى يفخر بذاته وقت الصلاة.
• احكي قصة عن الصالحين للطفل ليدرك فضل الصلاة، ويرسم صورة في مخيلته عن ارتباط قلوب الصالحين بالصلاة، وكيف كانت حياتهم. فالتربية بالأسلوب القصصي بالغة الأهمية وعظيمة الفائدة.
• تفسير مبسط لآيات القرآن الكريم عند حفظها تيسيرًا على الطفل حتى لا يمل من الحفظ -خاصة للطفل البصري-
• الارتباط الشرطي بين الصلاة وحبك لطفلك، فكلما انتهى الطفل من صلاته قم بتقبيله، أو احتضانه، أو إعطاء مكافأة مادية.
• التدرج في تعليم الطفل متابعة الصلاة، وعدم إجبار الطفل عليها.
• استخدام أسلوب التعليم الجماعي عند تجمع أطفال العائلة أو أصدقاء الطفل بالتنافس بينهم، وتحضير المكافآت المتنوعة.
• لون صلاتك: وهو عبارة عن مجموعة من البطاقات التي تحدد صلوات اليوم، وعندما يقوم الطفل بالصلاة يلون تلك الخانة، واستخدامها كمكافأة للطفل، وهو ما يساعد على حب الصلاة.
ومن الجدير بالذكر أن تفهم جيدًا ما يحبه طفلك ليكون معززًا إيجابيًا له، والتنويع بين المعززات من مادية إلى معنوية، واستخدام بطاقات النجوم؛ حتى لا يتعلم الطفل أن لكل شيء يفعله ثمن (عندما أصلي آخذ لعبة أو نقود) استخدام أسلوب المدح والثناء أمام الجميع، تطلب من مدرسته تكريمه أمام زملائه على حُسن صلاته.
وإياك أن تجبر الطفل على الصلاة، فدائمًا المفروض مرفوض، لابد أن تكن صلاته نابعة من قلبه، ولا تحاول ترهيبه بالنار، لأن ببساطة شديدة نحن ندرب الطفل فقط، فهو لم يبلغ السن التي يُعاقب عليها، ولأن عقل الطفل لم ينمو بالصورة الكاملة لفهم تلك الصورة الذهنية المجردة عن النار.
الصلاة نور يهدي الشخص إلى الطريق القويم، شعاع مضيء في نفق طويل مظلم، كن هادئًا لتستطيع تدريب طفلك عليها، فعندما يتخطى هذه السن ولم يتدرب عليها؛ لا يمكنك فعل شيء له، فعند تخطي مرحلة الطفولة، تقف حائًرًا أمام قدرته على الصلاة وعدم رغبته فيها، أنت الآن من تبنى تلك الرغبة وتقويها، أعاننا الله على تربية أبنائنا.
ومن يجد طرق أخرى لتحليل الطفل الصلاة، أو له تجربة مع طفله في حب الصلاة فليتركها لنا.