بقلم: محمود أمين
لا يملك الإنسان خيارا أمام شهوات النفس إن هو عودها واعتاد الوقوع فيها، والإنسان من حيث الشهوة تصغر نفسه وتكبر، إذ يعظم الإنسان قدرا كلما كان على شهواته حاكما مالكا، ويصغر ويحقر عند تملك الشهوات منه، فالحيوان في جوهره شهوة تسير على الأرض، إذا جاع لابد أن يأكل، وإذا عطش لابد أن يشرب، وإذا اشتدت غلمته يستنكح، فلو تأملنا حياة الإنسان لوجدناها تتأرجح بين تحقيق شهوة أو كبت شهوة، فلو ذهب رجل إلى السوق وشم رائحة شواء المتطاير في الجو، وتحركت معدته، وما إلى ذلك من العملية الفسيولوجية التي نعرفها؛ إما يهرول متجها نحو المطعم أو يكمل مسيرته نحو غرضه، ما الدافع لو توجه الرجل نحو المطعم هل جوعه؟ ومن جانب آخر هل توفرت لديه مقومات الذهاب لشراء الطعام وقت جوعه؟ قد يكون الرجل جائعا لكنه لا يملك ثمن الوجبة! هذا التأمل يقودنا نحو سؤال ما الفرق بين الإنسان والحيوان في الاستجابة للشهوات؟ الحيوان تجد بطشه من آلة بطنه وفرجه، أما الإنسان تعقدت أموره كسكك حديد اليابان، وقبل الإجابة المباشرة عن السؤال السابق من ناحية الإنسان، واستجابته للشهوات اجعلني أوضح أمرا قد أمثل الإنسان بقالب وضعت فيه نفسه ودينه وعقله والأعراف والتقاليد وعند بعض الناس الأعراف والتقاليد تفوق كل ما سبق، وعلى أي حال أعود للتوضيح؛ الشهوة (محرك) والإنسان قالب تتحكم فيه (نفسه ودينه وعقله والتقاليد) فلو تأملنا العناصر السابقة واحدة تلو الأخرى وتحكمها بإنسان مثلا فنأخذ النفس _إنسان تتحكم فيه نفسه_ والنفس الإنسانية هي الهوى والنفس تميل لما يشعرها بالسعادة ويمتعها وليس فيها العقل، فقد يكون هوى النفس في شرب الخمر وفيه هلاكها، فالنفس لا تعترف بالخطأ إلا بعد ارتكابه ذلك لو كانت لوامة ، والإنسان أمام نفسه لا يختلف عن الحيوان في شيء فهي فيه تحركه ويتفاعل معها؛ فلو قابلت إنسانا متى جاع أكل بأي ثمن وفي أي مكان دون مراعاة الظروف فاعلم أنه يتبع هوى في نفسه.
أما العنصر الثاني وهو الدين فكلامي يخص المسلمين فإني مسلم والحمد لله على نعمة الإسلام، الدين الإسلامي عقيدة ومنهج إلهي لا نستطيع أن نستبدل فيه شيئا أو نتفلسف في حدوده، والشرح يطول في قوة المنهج الإلهي في ربط وضبط الكون لو طُبق كما أُنزل على سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام؛ والمثال على هذا العصر: لو أن رجلا اشتهى فتاة يقول له دينه تقدم لولي أمرها فتزوجها، فيقنن الدين الشهوة ويجعها درجة في إيمان مطبق الدين، ويسير في طريق العفة والتكريم لتلك الفتاة.
وثالث تلك العناصر العقل، والعقل مادة وجود الإنسان وحفظ ذاته وكيانه الإنساني، وهو ميزان تحركه وأداة توجهاته؛ فلو قلت لك اقفز من فوق المبنى تصل للأرض سريعا، لقلت لي: يكون فيها موتي! ولكن على الجانب الآخر لعمل العقل بذاته دون أي قيود دينية أو تقاليد، استنطق العقل في أي شهوة تطلبها النفس؛ تجده يوافق بسرعة فهو يحب الأكل لأنه يأتي بطاقة كي يعمل، ويحب الخمر كي يستريح من هموم صاحبه، ويحب النوم الكثير كي يعيد بناء خلاياه، إذن تجد العقل كرجل يعيش بداخلك ويطلب حقه بقوة.
وفي ختام كلامي أتوجه للأعراف والتقاليد، وآخذها من جانب التأثر على الإنسان ونفسه وكيف يكون للتقاليد قوة كقوة الدين وأكثر في تحريك دوافع الإنسان، قد تسمع أن بلدا من البلدان لا تقبل رجالها إلا بعد المرور بتجارب قاسية في مغامرة خارج البلدة في الصحاري والغابات، يقاتل فيها الأفاعي والحيات والذئاب وغيرها من الحيوانات المفترسة، فقد قرأت عنهم على الشبكة العنكبوتية، وهؤلاء الرجال بكل تأكيد يموت نصفهم كل موسم تدفعهم فيها التقاليد للخارج ليثبتوا رجولتهم بأبشع أنواع الإثباتات، فلنتأمل سويا قوة التقاليد والأعراف في دفع الإنسان لضرر وهلاك والعقل وقتها تحت سلطة التقاليد.
وأعود قائلا: إن الإنسان المسلم خاصة هو أرقى المخلوقات على الأرض فإنه إن جاع فكر واستحضر دينه سائلا نفسه هل هذا الطعام حقي؟ وإذا أعجبته فتاة قال له دينه اغضض بصرك! وما إلى ذلك من أوامر الدين التي ما أنزلها الله إلا لسمو الإنسان ونجاته، فلك الحمد ربي وأعوذ بالله من قوم كرهوا الدين للناس!
ثم إن الرجل الغربي إذا أعجبته سيارة غالية والمال عنده قليل وضرب القانون الحاكم عرض الحائط لأن في الغرب من يقتدي بالمعايير والقانون؛ سرق أو أتى بمال من غير وجهته الصحيحة كي يلبي حاجة فيها شهوته، وإلى هنا أتوقف وأتمنى وصلول الفكرة ومغفرة الزلات وشكرا.
#مقال