القاهرية
العالم بين يديك

مكافحةالفساد ودور المواطن

124

بقلم /أشرف فوزى

الفساد مصطلح يتم استخدامه وترديده كثيرا، ولكن ما هو تعريف الفساد؟ هل هو سوء استخدام السلطة؟ هل يعني غياب القوانين التي تجرم وتحد من الفساد؟ هل المقصود به عدم انفاذ وتطبيق القانون أم غياب العدالة؟
هناك تعريفات كثيرة تتناول “الفساد” ولكني أود تقديم رؤيتي الخاصةمع التركيز على كيفية تعريف “المواطن” لمعنى الفساد والتي تشكلت من خلال ممارستي للعمل التنموي في مصر على مختلف المستويات ومع العديد من القطاعات والمؤسسات.
فالفساد –كتعريف رسمي ومفهوم متعارف عليه- معني بسوء استخدام السلطة وهو ما يجمع عليه المواطنون. ويرى البعض أن أصحاب السلطة، على مختلف المستويات، يسيئون استغلال هذه السلطة بشكل يخدمهم بشكل شخصي أو يخدم بعض المواطنين وليس الجميع.
وعلى الجانب الآخر، هناك العديد من التشريعات والقوانين والقرارات التي من المفترض أن تحد من سوء استخدام السلطة. وهنا تكمن المشكلة من الناحية التطبيقية إذ أن هذه القوانين واللوائح والقرارات البالغ عددها ٥٤ألف قانون، والتي من المفترض أن تنظم علاقة المواطن بمؤسسات الدولة المختلفة، توفر البيئة الداعمة وخط الدفاع أمام تطبيقات الفساد لأن في تعارضها وتضاربها منفذا للهروب من المسئولية والمساءلة القانونية. كما أن هذا التعارض، في بعض الأحيان، يمكن المسئول من تمرير بعض القرارات التي تناصر وتدعم طلبات الفئات المهمشة وهو ما قد يعرف من وجهة نظر البعض “بالفساد الإيجابي”. وهو الأمر الذي أدى إلى نشأة ثقافة “تقبل الفساد” لدى المواطن للحصول على حقوقه سواء أكانت مشروعة أم غير مشروعة.
وقد ارتبط الفساد بشكل مباشر بمؤسسات الدولة التي يرى البعض أنها قامت بتهميش أدوار باقي قطاعات الدولة (المجتمع المدني – القطاع الخاص – الإعلام)، ولكنه في ذات الوقت طال هذه القطاعات بطرق مختلفة مرتبطة بتحديد أولويات التنمية، والقطاعات التي تعمل فيها، والموارد التي تقوم باستخدامها تحت ذريعة تنمية المواطن. الأمر الذي أدى إلى تنوع مصادر ومستخدمي (المستفيدين) من هذا الفساد وهم القلة التي تتمتع بالسلطة والقدرة والمعلومات والأموال. وقد أرجعه البعض إلى غياب كفاءة وفعالية استخدام الموارد من جميع الجهات والذي أثر بالتبعية على نتائج وعوائد التنمية ومردودها على المواطن.
رد فعل الدولة على سخط وعدم رضا المواطنين ، تركز بشكل كبير على رؤية مؤسساتها وخبرائها في كيفية التعاطي مع أسباب الفساد، حيث قامت بتعديل اللوائح والقوانين وإتباع طرق وآليات القطاع الخاص في الإدارة وأخيرا تأسيس هيئات – يرى البعض أنها غير مستقلة عن الحكومة – لمتابعة الأداء ومساءلة الفاسدين.
ولكن من الناحية التطبيقية، لم تتمكن تلك الجهود من تحسين الأداء أو تقليل معدلات الفساد ولا زيادة رضا المواطن عن هذه المؤسسات. ويأتي من أسباب ذلك ، عدم إشراك المواطن في تحديد أسباب ومسببات الفساد وسبل التغلب عليها. الأمر الذي أثر سلبا على رأس المال الاجتماعي في المجتمعات والذي ضعف في الفترات الماضية نتيجة غياب الثقة في جميع القطاعات وفي جهود الحد من الفساد.
تفعيل دور المواطن ودور منظمات المجتمع المدني
لذلك، فإن الأمر يستوجب ضرورة البدء في المضي في آلية ومنهجية مختلفة تعمل على اشراك “المواطن” بصورة أكبر في جميع الخطوات والمراحل بشكل فعلي وليس صوري وأن يكون المواطن على القدر نفسه من القوة والقدرة على التأثير على العملية ولا يؤخذ رأيه فقط دون العمل به.
وهنا يتبقى التحدي الأكبر هو كيفية تسمية وتحديد “المواطن” وهنا يبرز أهمية دور منظمات المجتمع المدني والتي لابد أن تقوم على تطوير أدائها وتقديم دور مختلف لها بخلاف تقديم الخدمات للعمل على توصيل صوت المواطن وتمثيله والدفاع عن حقوقه. ولكن في وجود حوالي ٤٠ ألف منظمة مجتمع مدني في مصر فقد يكون من الصعب تحديد هذه المنظمات. ومن ناحية أخرى، يتعين على القطاع الإعلامي تسليط الضوء على جهود المجتمع المدني والعمل على إيصال أصوات المواطنين ومتابع استجابة عملية التطوير والتحسين لهذه الأصوات.

قد يعجبك ايضا
تعليقات