القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نبذه عن الخليل إبراهيم عليه السلام ” الجزء الثانى

236

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع نبى الله إبراهيم عليه السلام، وقد توقفنا مع أولوا العزم من الرسل الكرام، فأولوا العزم من الرسل هم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، عليهم الصلاة والسلام، وأما مهمتهم فهى تبليغ وحي الله تعالى للناس، فقال الله سبحانه تعالى فى كتابه الكريم فى سورة آل عمران ” ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبى من رسله من يشاء فآمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم ” وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى البطحاء فصعد الجبل فنادى “يا صباحاه” فاجتمعت إليه قريش، فقال”أرأيتم إن حدثتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم، أكنتم تصدقوني؟” قالوا نعم، قال صلى الله عليه وسلم “فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد” رواه البخاري، فقد تأمل بعض العلماء هذا الموقف حيث صعود النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أعلى الجبل فهو يرى ما أمامه وما خلفه بحكم موضعه في أعلى الجبل، وقريش عندما اجتمعت أمام الجبل.

فكانوا لا يرون ما رواء الجبل بحكم موضعهم، فلما سألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أهم يصدقون قوله إن أعلمهم أن وراء الجبل عدوا، قالوا نعم، فقال فإني رسول الله وقد أطلعني ربي على ما هو غيب بالنسبة لكم، فكان وقوفه صلى الله عليه وسلم هو عملية توضيحية لأمر الرسول والرسالة، وإن من مهام الرسل الكرام هو الإجابة على الأسئلة الثلاثة التي ضلت البشرية يوم أن وضعت لها الإجابات البشرية القاصرة، وهي كيف جئنا؟ ولماذا جئنا؟ وإلى أين المصير؟ وقد جاءت إجابة الرسل الكرام عن الله تعالى وهو أن مصدر الخلق هو الله عز وجل فهو القائل سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم فى سورة ق ” ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ” وأن الأمر بدأ بخلق آدم عليه السلام، وأسجد الله تعالى له الملائكة في حفل عظيم، فأي تكريم للإنسان من الله سبحانه، فقال تعالى فى سورة البقرة ” وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة ” ثم قال تعالى ” وإذ قال ربك للملائكة اسجدوا لآدم ” ولماذا جئنا؟ وقد جاءت إجابة الرسل الكرام عن الله تعالى.

أن غاية الوجود إنما هي العبادة لله الواحد القهار قال تعالى فى سورة الذاريات ” وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” وإلى أين المصير؟ فقد جاءت الرسل الكرام بإجابة عن الله تعالى أن المصير إلى الله وحده، حيث يجازى المحسن على إحسانه والمسيء على إساءته فهو القائل سبحانه وتعالى فى سورة النجم ” وأن إلى ربك المنتهى ” وقال تعالى فى سورة الزلزلة ” فمن يعمل مثقال ذرة خير يره، ومن يعمل مثقال ذرة شر يره” وإن من مهام الرسل الكرام هو إعطاء الصورة العملية التطبيقية للمنهج، فقال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة الممتحنة ” لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ” وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت “كان خلق نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم القرآن” رواه مسلم، وفي ذلك إعلام بأن المنهج المنزل من عند الله عز وجل في طاقة البشر، وفي قدرتهم التعامل معه، والالتزام به، وتطبيقه في أنفسهم وفي واقع حياتهم، وكيف لا، ورسل الله وأنبياؤه هم من البشر؟ فقال الله تعالى فى سورة الكهف ” قل إنما أنا بشر مثلكم ” وقال تعالى أيضا فى سورة النحل.

” وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحى إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ” وما عندهم من أحاسيس ومشاعر وطاقات كلها بشرية فقال تعالى فى سورة طه > طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ” وقال تعالى فى سورة الكهف ” فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ” وقال تعالى فى سورة المائدة ” يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون فى الكفر ” وفي غزوة أحد شج رأسه صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته، ودخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنتيه، صلى الله عليه وسلم، ومنهم من قتل فقال الله تعالى فى سورة البقرة ” فريقا كذبتم وفريقا تقتلون” وأما عن الفرق بين رسول الله وسائر الأنبياء والرسل، فاعلم أن الأنبياء والرسل كلهم صادقون مرسلون من عند الله عز وجل، والمؤمنون يؤمنون بأن الله واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، ويصدقون بجميع الأنبياء والرسل الكرام والكتب المنزلة من السماء على عباد الله المرسلين والأنبياء، ولا يفرقون بين أحد منهم فيؤمنون ببعض ويكفرون ببعض، بل الجميع عندهم صادقون راشدون، وإن كان بعضهم ينسخ شريعة بعض بإذن الله تعالى.

حتى نسخ الجميع بشرع رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ولقد قال تعالى فى سورة البقرة ” كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله “فلا فرق بين رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأنبياء والمرسلين الكرام من قبله في صدقهم ورسالتهم وبعثهم، وإنما الفرق من ثلاثة وجوه هي أدلة ختم النبوة والرسالة، فلا نبوة بعد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ولا رسالة، وإن أول فرق هو أن الله سبحانه وتعالى، أرسل الأنبياء والرسل إلى أمم خاصة، أما رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، فقد أرسل إلى العالمين، فقال الله تعالى فى سورة الأنبياء ” وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ” فلا نبي أو رسول بعده، ولقد تعرضت الكتب السابقة إلى التحريف والتبديل، وأما القرآن الكريم فقد تولى الله تعالى حفظه بنفسه، فقالت عالى فى سورة الحجر ” إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ” فلا حاجة لمجيء كتاب جديد، وكانت الكتب السابقة تعالج جوانب محدودة في حياة الناس العملية أو الأخلاقية فقط، أما الكتاب الذي جاء به رسول الله الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، ففيه المعالجة الكاملة لحياة الناس.

في شتى الجوانب، فقال الله تعالى فى سورة الأنعام ” ما فرطنا فى الكتاب من شئ ” فلا حجة لمن يأتي بمنهج يعالج فيه أمرا قد استكمل بيانه في الإسلام، ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “إن الرسالة والنبوة قد انقطعت، فلا رسول بعدي ولا نبي” رواه أحمد، وإن البشرية مدعوة للإيمان به، فقال الله سبحانه وتعالى فى سورة آل عمران ” ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين ” ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ” لا يسمع بى يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا حرم الله عليه الجنة” رواه أحمد ومسلم، فالأنبياء والرسل الكرام جاءوا لهداية البشرية في أطوارها المختلفة، والكل يكمل بعضهم بعضا في تلبية حاجة العقل البشري بمراحله، حتى انتهى الأمر ببعثة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الذي جمع الكمالات الإنسانية، والمنهج الكامل المحفوظ، والذي ينبغي أن تدركه أن الرسل والأنبياء المذكورين في كتاب الله خمسة وعشرون نبيا ورسولا، علما بأن الله سبحانه وتعالى، قد ابتعث مائة وأربعة وعشرين ألفا فلماذا أخفيت أسماؤهم؟ فقال العلماء حتى تتربى الأمة على الإخلاص.

فليست العبرة بذكر الأسماء، وإنما بقبول العمل، فقال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة يس ” وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين ” وقال تعالى فى سورة الكهف ” إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى ” ومن هم؟ لا ندري ما هي أسماؤهم؟ وإن إخفاء أسمائهم فيه عزاء لكل مجاهد مجهول يمضي لا يلتفت له الناس، بل قد يتعرض للعنت والاضطهاد والقتل، فله في رسل الله وأنبيائه عزاء، وفيه توجيه للهمم إلى الاقتداء بالأعمال، لا التنقيب عن الأسماء والمسميات التي لا طائل تحتها ولا نفع، ولو علم الله في الأمر خيرا لأخبرنا به، وإن الله تعالى يؤيد رسله بالمعجزات، وهي الأمر الخارق للعادة الذي يجريه الله سبحانه وتعالى على يدي نبي مرسل ليقيم الدليل القاطع على صدق نبوته، فهذا إبراهيم الخليل كانت معجزته بأن كانت النار بردا وسلاما عليه، فيقول الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة الأنبياء ” قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين، قلنا يا نار كونى بردا وسلاما على إبراهيم ” وهذا نبى الله عيسى عليه السلام وقد شاع في زمنه الطب، فكانت معجزته في الإبراء والشفاء بأمر الله تعالى.

قد يعجبك ايضا
تعليقات