بقلم سارة جمال
كنت مغرمة بالرياضيات ودائمًا ما سألت نفسي ما أصلها وكيف توصل لها العالم “براهما جوبتا “في كتابه سدهانتا الشهير؟
– بماذا أُلهم هذا الهندي؟
– (كيف عدة أشكال قادرة أن تتجانس سويًّا وتعبر عن عدد من دونها كيف الحياة تستوي؟ )
أتعلم أن شكل العدد أصله زاوية ! نعم أبدع الخوارزمي في رصد عدد زوايا الأرقام ليبتكر هذه الطريقة في الكتابة..
– جلست في إحدي قاعات المحاضرات “القاعة ٤٠٥” إنه يومي الأول الذي أجلس فيه هنا علي هذه المنصة التي حلمت بها يومًا تلو الآخر
رأيتني أدخل من هذا الباب العملاق البني اللون فتاة ذى “١٨”عام، وكم بدت الحياة غير عادلة في نظري لمجرد حصولي علي بعض الأرقام بشهادة الثانوية، نعم مجرد أقام مُرتصة واحدة بجانب الأخرى، حددت من أنت وأين أنت في مجتمع أبهرته الأعداد وأكبرهم في كل شئ سيدهم …
وها أنا ذات ٣٣ عاما الآن أتذكر سذاجتي تلك .. رحيل الأصدقاء، فراق عزيز تناثرت أشلاءه بين التراب، وحدتي بين جدران منزلي كل ليلة لتفقُّد الصور الهاربة مني أدمعي دون جدوى مني، ها أنا خذلتني الحياة لمرات ولكن في كل مرة كان يأتي جبر الله .. وكأننا دوائر في هذا العالم ولكن خلقنا لنجتازها أم للدوران فيها إلا اللاشئ؟!
وماذا أن فقدنا جزء منها أننتقل إلي العدم ؟!
ولكن في كل مرة تغلبني الحياة أصرخ في وجهها قائلة أنا مازلت أحاول أتظنين أنني أكرهك؟
-لا أحبك بكل ما فىِّ من ندوب لأنكِ تُذكريني في كل مرة أنني لدي أفضل مما أظن..
نظرت إلي بعض المعادلات التي كتبتها علي غلاف كتابي منذ أيام، ولكن لما تخيلت وجهك في وداعنا الأخير ؟
ماذا لو كنت هنا تشاركني هذه اللحظة؟
– كنت قبلت بك بسطاّ لمقامي ونتقاسم الحياة سويا..
دائما ما تجمع المعادلات بين مستقل وتابعه.. كيف حالك أيها المستقل؟ ما أخبار تابعك الذي أرهقته فكرة الاعتمادية؟ نتشابه نحن والمعادلات كثيرًا فكم من تابع ومستقل نحن، كانت المعادلة الأولي ترتسم “جا (س) +جتا (س) =١٦٨ “
– مرحبا جتا أمازلتي مجاوا يعتلي وترًا، وأخبريني أيضًا كيف حال ال “جا” ألم يجتمع تربيعكم بعد ليكون مجموعكم الوحدة !
المعادلة الثانية : س-١١=١٠٩
سلامًا عليك “س” أتقبلي بذهاب هذا العدم بجوارك عابرًا جسر اليساوي لتكوني ذا قيمة وأثر.. هيا لا تكوني ساذجة وتتمسكي بعديم القيمة جوارك .
يا إلهي أتحدث مع المعادلات الآن! كيف حقًّا لهذه الأعداد أن تتشكل وتختلف لتأخذ معني في كل درب وتمييز مثل العدد ” ١٠٣٣ ” ربما عام ميلادي في القرن الحادي عشر يكافئه هجريًا مابين عام ” ٤٢٤- ٢٢٥ ” ربما يعني مرور ١٧.٢١٦ دقيقة، أو ربما عدد قطرات المطر التي سقطت فوق نظارتي اليوم، أو عدد طلاب هذه القاعة، أو ربما معامل توصيل كهربي لمادة ما لم تكتشف بعد في جدول العناصر، وربما لا شيء أتقناه نحن، ورغم ما أحمل من عِلم ومصادقتي لتلك الأرقام جيدًا لا أستطع حساب أيام فراقنا ربما ٣٦٥ ليلة ٥٢٥.٦٠٠ دقيقة، لم أستطع حساب أدمعي في غيابك عني أو مقدار حبي لك أيضًا..
كنت ثابتًا داخل قلبي كلما رغبت في اشتقاقك أصل إلى العدم.. نهايتنا متغيرة لم تقترب إلى عدد حقيقي ومثبت أبدا..ولكن مازلت أنت وأنا معكوسك ننتظر أن تضرب بنا الطرقات ليصبح مصيرنا واحد.
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية