القاهرية
العالم بين يديك

سلسة قرأت لك أحمد لطفي السيد ـ مفكر وسياسي

170

 

كتب_الشريف أحمد
نتابع سلسلة من العظماء الذين تركوا بصمة ناصعة البياض في تاريخ مصر.
واليوم لدينا قصة كفاح جديدة لأحد عظماء مصر ومفكريها هو أحمد لطفي السيد والمعروف “أحمد لطفي”
مولده :
وُلد أحمد لطفي السيد المفكر والسياسي المصري عام 1872م
في إحدى قرى مدينة الدقهلية المصرية، والده أحد أعيان القرية وكانت أسرته صاحبة ثراء، أهتم السيد/لطفي السيد بتعليم إبنه أحمد، ودرس في كتّاب القرية، حفظ القرآن الكريم وتعلم أساسيات القراءة والكتابة، ثم دخل مدرسة المنصورة الابتدائية، ليرحل بعد ثلاثة سنوات إلى القاهرة ويلتحق بمدرسة الخديوي الثانوية، وبعد أن أنهى الثانوية دخل مدرسة الحقوق، وهنالك تعرّف على بعض الأشخاص الذين كان لهم تأثير في تشجيعه على دخول الحياة السياسية، كان أبرزهم الشيخ محمد عبده .
حياته السياسية :
بدأت مشاركتة السياسية بعد تخرجه من مدرسة الحقوق، حيث عمل أولًاً في النيابة ليصبح نائبًا في الفيوم للأحكام بعد سنوات قليلة، ثم قام بتأسيس جمعية تحرير مصر السرية، والتي عندما عرف بها الخديوي ذهب أحمد لطفي للسفر لسويسرا للحصول على الجنسية هناك بحيث تحميه جنسيته الجديدة ثم عودته للعمل في الصحافة ضد الاحتلال، لكن ذلك لم يتم لرفض الباب العالي، فعاد إلى مصر ليعود للعمل في النيابة، وقد أستقر أخيرًا في مجال الصحافة، وأسس في تلك الفترة من عام 1907م حزب الأمة وصحيفته التي تم تسميتها بالجريدة، والتي توقفت بعد حلّ الحزب الذي استمر لسبع سنوات، ثم تم تعيينه مديرًا لدار الكتب، وفي عام 1918م إستقال من عمله ليؤسس وفد للمطالبة بالاستقلال بمشاركة سعد زغلول وعلى شعراوي وعبد العزيز فهمي.
وبعد الثورة الاولى 1919م ترك أحمد لطفي السيد العمل السياسي ليعود مديرًا لدار الكتب، ثم عمل مديرًا للجامعة المصرية.
وفي عام 1944م أصبح َوزيرالخارجية، وبعدها اعتزل العمل السياسي تمامًا، وتولى منصب رئيس مجمع اللغة العربية وبقي فيه حتى وفاته
السفره الى سوسيرا :
التحق أحمد لطفي السيد بالجامعة هناك، وعكف على دراسة الآداب والفلسفة، وزامله في الدراسة الشيخ محمد عبده في جينيف الذي كان يزور سويسرا في ذلك الوقت، وعاد لطفي السيد إلى القاهرة دون أن ينجح في الحصول على الجنسية، لرفض الباب العالي العثماني تجنسه بها، وفي الوقت نفسه قدم تقريرًا إلى الخديوي جاء فيه.
“إن مصر لا يمكن أن تستقل إلا بجهود أبنائها، وإن المصلحة الوطنية تقضي بأن يرأس سمو الخديوي حركة شاملة للتعليم العام”.
وكان هذا هو رأي الشيخ محمد عبده الذي جعل من التربية والتعليم بعد عودته من المنفى خطته للإصلاح.
ترك أحمد لطفي السيد العمل الحكومي واشترك مع جماعة من أعيان مصر في تأسيس حزب الجريدة، وترأس صحفيته المعروفة بأسم حزب الامة سبع سنوات و بضعة شهور ثم توقفت تلك الجريدة بعدما تم حل حزب الامة.
حيث كانت سياسة الجريدة تقوم على الدعوة إلى فكرة مصر للمصريين، ومهاجمة الجامعة الإسلامية التي كان يدعو إليها السلطان عبد الحميد الثاني، ويعبر أحمد لطفي السيد عن هذا الاتجاه بقوله {نريد الوطن المصري والاحتفاظ به، والغيرة عليه كغيرة التركي على وطنه، والإنجليزي على قوميته}، لا أن نجعل أنفسنا وبلادنا على المشاع، وسط ما يسمى بالجامعة الإسلامية
عودته الى مصر وانشاء الجريدة :
ازدادت هذه السياسة وضوحًا بدعوته إلى حياد مصر من هجوم إيطاليا على ليبيا، حين رأى تعاطف المصريين مع الدولة العثمانية، وقيامهم بجمع التبرعات، وحشد المؤن والأسلحة لإرسالها إلى الجيش العثماني في طرابلس.
يقول لطفي السيد “وقد أخذت أنبه على استحياء إلى واجب مصر من هذه الحرب، وهي أن تكون على الحياد، وأن سيادة تركيا لا تجلب لمصر منفعة ولا تدفع عنها ضرًا”.
غير أن دعوته لم تلقَ استجابة، وضاعت وسط عواطف المصريين، وتعلق قلوبهم بدولة الخلافة العثمانية .
.
احمد لطفي مدير لدار الكتب :
بعد توقف الحرب وإغلاق الجريدة عُين أحمد لطفي السيد مديرً لدار الكتب خلفًا للدكتور “شاده” المدير الألماني، وفي دار الكتب انفسح الوقت له، حيث أنشأ مجمعًا لغويًا عرف باسم “مجمع دار الكتب”، وترجم بعض أعمال أرسطو، ودعا إلى ترجمة الكتب الأخرى، وندب من وثق بهم للاضطلاع بنقل الثقافة الغربية إلى العربية، موقنًا أن النهضات في بواكيرها إنما تقوم على الترجمة التي هي بمثابة التمهيد، بالاحتذاء ثم الخلق والأصالة.
انجازاته :
· قام بتأسيس بعض الجمعيات العلمية والمجمع الخاص باللغة.
· كتب سيرته الذاتية في كتاب حمل اسم قصة حياتي، والذي يحكي الكثير من جوانب حياته وأفكاره وأعماله.
· وله كتاب أيضًا باسم تأملات.
· قاد أحمد لطفي السيد حركة تنوير وحراك ثقافي في مصر وكانت ميوله ليبرالية، وسمي “باستاذ الجيل وأبو الليبرالية” .
· قام بترجمة العديد من كتب أرسطو للعربية بعد أن قام بقراءتها .
· ترجم لطفي السيد عن الفرنسية كتب أرسطو الأخلاق، الكون والفساد، الطبيعة السياسية. وأسلوبه يتميز بالدقة والسلاسة والوضوح دون التواء في المعني أو ملابسة في الفكرة، أو تداخل في التعبير.
· عرضت علية حركة الضباط الأحرار أن يصبح رئيسًا لجمهورية مصر بعد أن قاموا بثورة يوليو 1952لكنه رفض .
· له ثلاثة مؤلفات جمعها له إسماعيل مظهر وهي، “المنتخبات” في جزأين، و”تأملات”، و”صفحات مطوية من تاريخ الحركة الاستقلالية” بالإضافة إلى مذكراته التي بعنوان “قصة حياتي .
· لقبّه الأديب عباس العقاد بأفلاطون الأدب العربي.
تكريمه :
كرمته الدولة فنال جائزتها التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 1958م .
وفاته :
عاش أحمد لطفي السيد حتى عام 1963، وتوفي عن عمر يُناهز 91 عامًا قضاها في العمل السياسي والفكري والكتابة وكافح مع أبناء شعبه لينال الحرية لوطنه، بعد أن وقف نفسه على الإصلاح والتجديد ستين عامًا أو يزيد، وهي مدة لم تتوفر لمصلحين كثيرين، ودخل التاريخ من باب التأثيرعلى مسيرة أجيال زاملته بأفكاره الإصلاحية، وإن كان بعضها محل نظر وتحفظ ومراجعة.
الختام :
لاحقاً سوف نسرد قصة كفاح بقية {الوفد المصري} الذين كانوا رفقة أحمد لطفي السيد .. السادة هم :
سعد زغلول .
عبد العزيز فهمي .
مصطفي النحاس .
علي شعراوي .
مكرم عبيد .
حمد الباسل .

قد يعجبك ايضا
تعليقات