بقلم/ سالي جابر
تمر الأيام سريعًا وتنقضي، وأنا هنا بين وحدتي وانشغالي بعالمي الخاص الذي صنعته لنفسي، ألَمًَت روحي بصعابٍ غيرتها، وأخرجت منها الأسى، أيام حولتني إلى صورة لشبح، خيال امرأة، قط أسود يخشاه الجميع؛ بينما هو يخاف نفسه، ويرهب الحديث مع ذاته.
إنها الطيبة التي جعلت من ذاك القلب فكًا مفترسًا، يلتهم كل شيء حتى مخاوفه، يبتلعها فتصير وحش أشد قوة يبتلعني وهكذا تصير بيَّ الأيام تمضى وتضنيني، وتذيب قلبي كشمعة مشتعلة لقت حتفها بنفسها من تلك الفتيلة التي احتضنتها ورتبت على كتفها، وضمة أنينها وشكواها.
أتُرى أن الحب يحرق أحيانًا، وأن الطيبة تخنق، وأن الأشواق تُضني!
ما كنت يومًا أصدق ما يقولون لي، ولكن التجارب أكبر دليل، والأيام خير صديق عندما تنام ليلًا تنظر لنجمة بعيدة في السماء، وتظن نفسك قادرًا على امتلاكها، وتمد يدك لها، وتراها تُحادثك، عندما تقتسم مع القمر السمر، و ترى على سطحه الأملس ابتسامة عابرة، يسير معك أينما كنت.
ثم تقف وترى كوب الشاي الساخن ينسكب على يديك يحرقها، لا النجمة تشاطرك حزنك، ولا القمر يصافحك ويبتسم لك، إنما خيباتك كما ظلك تلازمك، كالحنين في عين الأم لحظة خروج جنينها للدنيا، كبحر يخرج اللؤلؤ من أعماقه ليربكك بجماله، تُسحر عيناك، وتتوه.
وربما تنجو من حواراتك الجانبية مع مرآتك، لكنك لن تنجو بطيبتك مع خبثاء القلوب، فتمكث الطيبة المتراكمة تلال أحقاد وتشوه ما تبقى من روحك، لتقتل أنت طيبتك، قبل أن تقتلك، وقتلها يحتاج لقوة النسر حينما يطير في أعالي السماء بشموخ، والصقر الذي يقتل نفسه بنفسه عندما يشيخ، لا الحب يبقى لمن لا ود لهم، ولا العتاب مع ضعفاء العقل يطيب.
وهكذا تحولت، والشمعة التي ذابت و أحرقت طيبتي، هي أصبحت لي مصباحًا طريقًا موحشًا سأكمله وحيدة رغم رفقاء الطريق.