أسطورة الحب

كتبت/ سالي جابر

الحب أسطورة تغنوا بها في أشعار الجاهلية؛ قيس وليلى، عبلة وعنترة، جميل وبثينة، وهمونا بأنه الحياة، سلاحنا كي ننجو من نار الوحدة وأنين الذكريات، يجمع كل المتناقضات، هو النار التي تُحينا، والماء الذي يطفىء نار أشواقنا، هو الأمل واليأس، هو الخوف والرجاء، هو الشتاء والصيف، هو أجمل وأسوء شعور على الإطلاق.
قد قال عنترة في حب عبلة:
أَلا يا عَبلَ قَد زادَ التَصابي وَلَجَّ اليَومَ قَومُكِ في عَذابي وَظَلَّ هَواكِ يَنمو كُلَّ يَومٍ كَما يَنمو مَشيبي في شَبابي.
‏وفرحت ليلى بقول مجنونها حين تغنى بشعره وقال:
‏وقالوا لو تشاء سلوت عنها فقلتُ لهمْ فانِّي لا أشَاءُ وكيف وحبُّها عَلِقٌ بقلْبي كما عَلِقَتْ بِأرْشِيَة ٍ دِلاءُ لها حبّ تنشّأ في فؤادي فليس له-وإنْ زُجِرَ- انتِهاءُ
‏الحب ما هو إلا غنوة ترددها الألسنة بكلمة من حرفين، تَنَشًَأ على أرصفة الطرق والأزقة، ربما رأيناه في الروايات، قرأناه على ألسنة الشعراء، سمعناه في كلمات الأغاني، أخذنا إلى عالم آخر، عالم ناره جنة، وجنته نار، مأخوذة أنا بأحاديثه؛ لكني لا أميل إليه يومًا، فربما تأتي سفينتي بما تجديه الرياح، وربما يغرق مركبي على شاطيء بحره، وأغوص حافيه في رماله.
‏وقالت عنه الكاتبة أحلام” هو الحبّ إذن..
‏دوماً.. يقدّم لي أوراقه الثبوتية على هذا النحو.
‏في حالة من انسياب العواطف، يأتي رجل لا أحتاط من بساطته، أطمئن نفسي بكونه ليس هو الأجمل، ولا هو الأشهى، وفي تلك اللحظة التي أتوقّعها الأقل، يقول كلامًا مربكًا، لم يقله قبله رجل. وإذ به يصبح الأهم.
‏غالبًا.. وأنا  ألهو باندهاشي به، تبدأ الكارثة.
‏الحبّ ليس سوى الوقوع تحت صاعقة المباغتة!”
‏وعندما سألت أصدقائي الكُتاب والأدباء عنه؛ قال عنه الأديب الدكتور محمد منصور:”أن تذوب ذات الإنسان في ذات من يحب وهو ماعبر عنه الشاعر اللبناني الكبير بشارة الخوري حين قال :
لو مر سيف بيننا لم نكن نعلم هل أجرى دمي أم دمك .
وقال عنه الأديب الدكتور حسن محمد:
“الحب شجاعة مهزوم قرر قبل موته المحتوم أن يقف وسط خضم المعركة ويصيح: أنا أحب.. ربما أماتته صرخته المكتومة بالحب.. أو لأنها خرجت وسط صخب لم يسمعه أحد.. أو ربما كل المحاربين سمعوا إلا المحاربة التي جاء من أجلها ..”
وقالت عنه الأديبة رانيا ضيف:” فرأيت أن الحب شعور صاخب؛ يذلذل الكيان، فأنت لست بعده كقبله !
الحب ينزع عنك توازنك، ويأخذ منك عقلك، يدفعك للكثير من الطيش والرعونة؛ فتتصرف تصرفات هوجاء ساذجة، تلقى بنفسك فى غياهب القدر، غير مكترث إن خرجت من الحب حيا أو قتيلًا !
الحب لا يعرف الخوف، ولا يعرف التردد، وفاشل فى الحسابات، والتقديرات، ولا يفكر فى المآلات..
الحب هو الحضور فى اللحظة، وعيشها بكل تفاصيلها بكثير من الجنون !
وقالت عنه الشاعرة سمر فاروق:” الحب، فما الحب إلا عطاءٍ كالشمس المشرقة تشرق علي أنحاء العالم، تُدفئ، تولد طاقة، تجدد أمل، تمحي ألم، تزهو علي الحياةِ عبيرًا، تفوح عطرًا في كل أرجاء الروح.
الحب، نورًا متلألىء، ظل ممتد، الحب سكن وسكينة قلب، الحب ريًا يروي ظمآن في صحراءٍ جرداء لا فيها ماء ولا بشر إلا  محبوبه فهو ظله وأنيسه وريه”.
وللفلاسفة رأيٌ في الحب؛ حيث كان يرى أفلاطون أن الشخص الباحث عن الحب هو شخص يبحث عن نصفه الآخر، يبحث عن التحرر الفكري والعاطفي من خلال الحب
أما أرسطو فهو يرى أن الحب لا ينتهي، هو قوة لا يمكن إدراكها أو شرحها، هو عالم آخر يدخله الإنسان لتظهر فيه شخصيته الحقيقية، وهو لا يموت، ويرى سقراط أن الحب الذي ينتهي ليس حبًا.
أما علم النفس فهو يرى أن الحب مفهوم معقد مركب، فهو الاحترام المتبادل، والثقة، والمودة والرحمة، وهو الشعور بالانتماء ودفء المشاعر لشخص، والحب يزيد من ثقة الشخص بذاته، واحترامه وتقديره لذاته، و يخفض من الشعور بالإحباط والاكتئاب، وللحب مراحل وأنواع وعناصر لابد من تواجدها.
أما أنا فأرى أن الحب له تعريف مجرد يجمع بين كل المتناقضات، وأرى أنه على حافة طريق نهايته ليست الكره؛ فكلاهما مشاعر، فالإنسان عندما لا يحب شخصًا  كان معشوقه في السابق، فإنه لا يكرهه، لكن يتحول إلى شخص عادي بل أقل من العادي، الحب سحر يتجلى واضحا في الأعين كشمس الظهيرة في فصل الصيف، طوق نجاة، صرخة مكتومة قد تميتك، كلمات تكتب، ومشاعر تحس، لكن لا يمكنك وصفه بكلمة( أحبك) فهو أعمق من هذا، هو الاعتراف بالضعف مع من تحب، والقوة به، جدارك المنيع وحصنك الحصين، الوردة التي نسقيها لتزدهر، وبدونه لا تكون الحياة.
وعلى هذا الأساس إذا وجدت من تحبه ويحبك بصدق تمسك به، ودافع عنه بكل ما أوتيت من قوة، اظهر له مشاعرك، ولا تبخل عنه بعاطفتك ورغبتك بالبقاء معه، حتى لا يتحول لأسطورة نسمع عنها فقط ولا نعيشها، حتى لا تتحول إجابة سؤال ما تعريفك للحب! إجابة مختزلة بكلمة واحدة وهي( لا يوجد حب).

أسطورة/ الحب
Comments (0)
Add Comment