تقرير د _ عيد علي
في هذه الصورة التاريخية الخالدة نرى لحظة من لحظات المجد والعبقرية المصرية التي تجسدت في بناء أعظم كوبري عسكري عرفته أرض الكنانة. إنه الكوبري الذي شُيِّد خلال حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 ليكون جسرًا إلى الكرامة والانتصار وجسرًا عبر من خلاله الأبطال إلى الضفة الأخرى من قناة السويس محطمين بذلك أسطورة خط بارليف الذي طالما اعتُبر حصنًا منيعًا لا يُقهر.
إنجاز يفوق الخيال
ما يجعل هذا الكوبري استثنائيًا في تاريخ مصر – بل وربما في التاريخ العسكري العالمي – ليس فقط ضخامته أو تصميمه الهندسي المذهل بل السرعة والدقة التي تم بها إنشاؤه تحت نيران العدو وفي ظروف قاسية. فبمجرد بدء المعركة في السادس من أكتوبر بدأ المهندسون العسكريون المصريون في تنفيذ مهمة تبدو مستحيلة: بناء كباري عائمة تتحمل مرور الدبابات والمدرعات الثقيلة فوق القناة وسط مقاومة شرسة من القوات الإسرائيلية.
وفي زمن قياسي لا يتعدى ساعات كانت الكباري قد نُصبت وعبرت القوات المصرية إلى الضفة الشرقية معلنة بداية النهاية لأسطورة العدو الذي لا يُقهر.
رمز للعبقرية والإرادة
الكوبري الذي نراه في الصورة ليس مجرد منشأة عسكرية بل رمز للذكاء الهندسي والجرأة في اتخاذ القرار والتخطيط الدقيق الذي جعل من الجيش المصري نموذجًا يُحتذى به. لقد تحولت الصورة إلى أيقونة للانتصار تجسد التعاون بين العقل والعضل بين الإرادة الصلبة والقدرة الفنية.
درس لا يُنسى
إن هذا الكوبري يعلّمنا درسًا خالدًا: أن لا مستحيل أمام من يؤمن بوطنه وأن سواعد المصريين قادرة على صنع المعجزات حين تتوحد الأهداف وتتجسد الرؤية. لقد خُلِّد في كتب التاريخ ليس فقط كإنجاز هندسي، بل كرمز لعزة الأمة وصحوة الكرامة.
ستظل هذه الصورة تروي للأجيال قصة وطن آمن بقوته وصنع مجده بيديه. وستبقى الكباري العائمة التي بُنيت في أكتوبر رمزًا خالدًا يُدرّس في أعرق الأكاديميات العسكرية ليس فقط باعتبارها “أفضل كوبري تم إنشاؤه في تاريخ مصر” بل كملحمة وطنية تخلد في وجدان كل مصري.
