بقلم: أحمد خالد
اعتدت أن أعيش أيامي في بلدتي الأقصر، حيث الدفء الذي لا يمنحه المكان فقط، بل الأشخاص أيضًا. كل صباح كنت أستيقظ على وجوه مألوفة، أرى نفس الناس، أسمع نفس الأصوات، وأشعر بروح المدينة التي تحتضنني كما تحتضن الشمس معابدها القديمة. لم أتصور يومًا أن أستيقظ في مكان لا أجد فيه تلك الألفة، لكن الله أراد لي طريقًا آخر.
كل عام، كنت أبدأ يومي في عيد الفطر في ساحة سيدى أبو الحجاج مع عائلتي وأصدقائي. تلك اللحظات التي كان قلبى يلتقي فيها مع أفراح الناس، وتختلط أصداء التكبيرات مع أصوات الفرح في شوارع الأقصر.
لكن العام الماضي كان مختلفًا. من ثالث أيام عيد الفطر 2024، وجدت نفسي بعيدًا عن الأقصر، بعيدًا عن أهلي، بعيدًا عن تلك اللحظات التي اعتدت أن أعيشها. لم أكن هناك في ساحة سيدى أبو الحجاج، لم أشاهد الوجوه المألوفة، ولم أسمع تلك الأصوات التي كانت تملأ المكان بالبهجة.
الغُربة قاسية، والبعد عن أهلي في الأقصر لا يوصف. لكن بفضل الله، لم أكن وحيدًا، فقد وجدت أهلي في الإسكندرية. قد لا تكون الأقصر هي المكان الذي أعيش فيه الآن، ولكنني شعرت بدفء العائلة، وأحسست أن الله لم يتركني وحدي في هذه الغربة.
لقد كانت السنة الماضية مليئة بالتحديات والبعد عن الأحبة، لكنني أسأل الله أن يحفظهم جميعًا، وأن يردني إليهم بسلامة وخير وبركة. وفي نهاية المطاف، لا يوجد مكان يعادل قلب الأقصر وأهلي، مهما ابتعدت عنهم أو طال الزمن.
