✍️ بقلم: د. خالد السلامي
في عالمنا اليوم، لم يعد التسول مقصورًا على الطرق التقليدية التي اعتدنا رؤيتها في الشوارع، بل أصبح صناعة متكاملة تستغل التكنولوجيا والفضاء الرقمي بطرق مبتكرة لخداع الناس. ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، تحول التسول إلى ظاهرة احترافية تُستغل فيها المناسبات الدينية والاجتماعية والظروف الاقتصادية لخلق قصص مأساوية مزيفة تستدرج تعاطف الجمهور لتحقيق مكاسب شخصية.
الوجه الجديد للتسول: من الشارع إلى الإنترنت
قديماً، كان التسول يعتمد على المشهد الكلاسيكي لشخص يجلس في زاوية الطريق طالبًا المساعدة، أما اليوم فقد تطورت الأساليب، وأصبح المحتالون أكثر دهاءً في استغلال التكنولوجيا. تنتشر عبر الإنترنت حملات مزيفة، مدعومة بصور ومقاطع فيديو مؤثرة، تروي قصصًا ملفقة عن أيتام ومرضى وفقراء يحتاجون إلى دعم عاجل، فيما تذهب التبرعات إلى جيوب المنتفعين وليس لمن يستحقونها.
المناسبات الدينية.. موسم التسول الإلكتروني
تتزايد هذه الظاهرة بشكل ملحوظ خلال شهر رمضان، حين تكثر أعمال الخير والصدقات، مما يجعله موسمًا ذهبياً للمحتالين. يظهرون تحت ستار الجمعيات الخيرية أو الأفراد المحتاجين، ويستخدمون خطابات مليئة بالمشاعر لانتزاع الأموال من المتبرعين. الأمر لا يقتصر على رمضان، بل يمتد إلى الأعياد والمناسبات الوطنية والاجتماعية، حيث يستغل هؤلاء المشاعر الإنسانية لتحقيق مكاسب شخصية.
التكنولوجيا في خدمة المحتالين
مع انتشار الذكاء الاصطناعي وبرامج تعديل الصور والفيديو، بات من الصعب التمييز بين القصص الحقيقية والمزيفة. يتم إنشاء حسابات مزيفة على منصات التواصل الاجتماعي، تُنشر عليها شهادات وهمية وإحصائيات مضللة، مما يجعل الضحايا يندفعون لدعم قضايا غير حقيقية.
الآثار الكارثية على المجتمع
تفشي التسول الاحتيالي يؤدي إلى:
فقدان الثقة في حملات التبرعات الحقيقية.
تشويه صورة العمل الخيري بسبب كثرة الاحتيال.
حرمان المحتاجين الحقيقيين من الدعم اللازم.
كيف نحمي أنفسنا من التسول الرقمي؟
التحقق من مصدر الحملات قبل التبرع.
التعامل مع جهات رسمية وموثوقة لضمان وصول المساعدة للمستحقين.
الإبلاغ عن الحسابات المشبوهة التي تستغل مشاعر الناس لجمع الأموال.
التوعية الإعلامية لمكافحة هذه الظاهرة وكشف أساليب المحتالين.
ختامًا: العطاء مسؤولية وليس عاطفة لحظية
التبرع واجب إنساني، ولكن يجب أن يكون بوعي حتى يصل إلى مستحقيه الفعليين. علينا جميعًا أن نتحلى بالحذر، ونقف صفًا واحدًا في مواجهة الاحتيال الرقمي، حتى نعيد الثقة في العمل الخيري ونضمن أن تذهب التبرعات لمن يحتاجها حقًا.
🔹 د. خالد السلامي – شخصية مؤثرة في الوطن العربي لعام 2024، رئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة، وسفير السلام والنوايا الحسنة.
