د. عيد علي
في دروب الحياة ستجد أناسًا لا يظهرون إلا في مواطن الخير حيث جبر الخواطر وصنائع المعروف. كلماتهم نور أفعالهم طيب ومواقفهم شاهدة على نبل أخلاقهم.
يؤمنون بأن الحياة رحلة لا يُخلَّد منها إلا كرم الطباع وحسن التعامل والأثر الطيب الذي يتركونه خلفهم.
وعلى الجانب الآخر هناك من تعتري قلوبهم العتمة يتقلبون وفق أهوائهم ينسون العِشرة ويتلاعبون بالمحبة وكأنها سراب.
والحياة مليئة بأنواع البشر.. قد يجذبك الجمال الظاهري لكن الحقيقة تكمن في الوجوه التي تنبض بالطمأنينة.
قد تبهرُك الفطنة لكن دفء الحنان هو ما يمنحك السكينة. ربما تُسعِدُك روح الدعابة لكن القلب لا يطمئن إلا لمن يضمد جرحه ويضيء عتمته.
فالأشياء الأكثر أصالةً هي تلك التي تمس الروح.. وهي وحدها التي تبقى وتظل أثمن ما في الوجود.
لكن تذكَّر.. أصحاب القلوب النقية قليلون فإن وجدتهم فتمسك بهم!
وفي زحام الأيام ستدرك أن العلاقات الحقيقية لا تُقاس بطول السنين بل بعمق المواقف وصدق المشاعر.
فهناك من يمر في حياتك مرور العابرين يتركون وراءهم غبار الذكريات وهناك من يبقى أثرهم محفورًا في قلبك كعلامة فارقة لا يمحوها الزمن.
الطيبة ليست ضعفًا ولكنها اختيار الأقوياء الذين يدركون أن العطاء لا ينقص صاحبه وأن جبر الخواطر عبادة لا يتقنها إلا القلوب النقية وفي المقابل هناك من لا يتقنون سوى الهدم يمارسون القسوة وكأنها حق مكتسب يرحلون دون وداع ويتجاهلون دون سبب وكأن وجودهم كان مجرد وهم.
لكن الحقيقة الأهم أن القلوب الصافية لا تحتاج إلى كثرة الأصدقاء بل إلى القليل من القلوب الصادقة.
فابحث عن أولئك الذين يسندونك دون طلب الذين يشعرون بك دون أن تتحدث الذين يضيئون حياتك ولو بكلمة لأنهم وحدهم الذين يستحقون البقاء.
وفي النهاية ستدرك أن أجمل ما في الحياة ليس ما نمتلكه بل من نشاركه معهم وأن الأثر الطيب هو الإرث الحقيقي الذي يتركه الإنسان خلفه.
فلا تنشغل بمن رحلوا بل امنح قلبك لمن يستحقه وتأكد أن النقاء عملة نادرة لكنها لا تضيع هباءً أبدًا.
