د _ عيد علي
يا صاحبي لا تحزن إذا خرجت من معركة صفر اليدين فبعض المعارك الفوز فيها أشبه بالخسارة والخسارة فيها انتصارٌ مهيب!
تخيّل أنك وسط معركة مصيرية السيوف تتقاطع والأنذال يتطايرون كالذباب في يومٍ صيفيّ وأنت هناك تحمل سيف الكرامة وسط معركةٍ لا شرف فيها. فماذا تفعل؟!
الإجابة بسيطة: ضع السيف في غمده ابتسم ابتسامة العارف ثم انسحب بكل أناقة!
لأن الانتصار وسط الأنذال يجعلك واحدًا منهم والخسارة أمامهم تجعلك سيد اللعبة! فماذا ستختار؟ أن تكون ملكًا في مستنقع الطين أم أن تغادر الميدان ورأسك مرفوع تاركًا لهم حفلة الوحل؟
الخاسر الحقيقي ليس من هُزم في معركة لا قيمة لها بل من انجرَّ إليها وأصبح جزءًا من لعبتها القذرة. أما أنت فإن خسارتك هنا وسام شرف وبيان رسميّ بأنك لم تهبط إلى مستواهم.
فيا صديقي اخسر معارك الأنذال… ولكن اربح نفسك!
حين تخسر أمام الأنذال لا تأخذها على محمل الجد.
اعتبرها استراحة من صخب الحمقى فرصة لتراقبهم من بعيد وهم يحتفلون بنصرٍ لا وزن له كطفلٍ يظن أن فوزه في “حجر-ورقة-مقص” سيُدخله كتب التاريخ!
ستجدهم يتفاخرون بانتصاراتهم الزائفة يتقاتلون على فتات المجد الرخيص ويغرقون في نشوة التفوق الوهمي. أما أنت؟ أنت تجلس في مقعد المتفرجين تحتسي قهوتك بهدوء مبتسمًا لأنك خرجت بأغلى جائزة على الإطلاق: راحة البال.
في كل مرة ترفض الغوص في وحلهم أنت ترقى في كل مرة تترك لهم ساحة المعركة أنت تنتصر بمعركة أخرى… معركة الحفاظ على نفسك لا يحتاج الإنسان النبيل إلى أن يثبت تفوقه على النذل تمامًا كما لا تحتاج الشمس إلى منافسة المصابيح.
لكن احذر! سيحاولون جرّك إليهم سيستفزونك سيقولون: “خائفٌ أنت؟!” ابتسم لهم وقل: “بل حكيم.”
ففي عالمٍ يخلط بين الانتصار والعار وبين الذكاء والمكر وبين القوة والوقاحة… تكون خسارتك أمام الأنذال هي أعظم انتصاراتك.
امضِ في طريقك دعهم يغرقون في لعبتهم الصغيرة ولتظلّ أنت فوق مستواهم… حيث الهواء أنقى، والكرامة لا تزال تُحترم.
