د. حمدان محمد
مع كل تصعيد جديد في الأراضي الفلسطينية، تعود قضية تهجير أهالي غزة لتطفو على السطح، مما يعيد إلى الأذهان السيناريوهات التي شهدتها المنطقة منذ عقود. ففي خضم الاعتداءات المستمرة، يواجه سكان القطاع تهديدات متزايدة تدفع نحو تهجير قسري قد يغير ملامح القضية الفلسطينية بالكامل.
فمحاولات تهجير ممنهجة وتُعدّ غزة، بأرضها الصغيرة المكتظة بأكثر من مليوني نسمة، هدفًا دائمًا لمحاولات التضييق والضغط. الاحتلال الإسرائيلي يعتمد سياسة “الأرض المحروقة”، من قصفٍ للبنية التحتية إلى حصار خانق مستمر منذ أكثر من 15 عامًا، في محاولة لفرض واقع جديد. هذه السياسات تهدف إلى جعل الحياة في القطاع شبه مستحيلة، مما يدفع الأهالي للهجرة القسرية أو النزوح، وهو ما يصفه الخبراء بأنه “تطهير عرقي بطيء”.
فمصر: صمام الأمان والاستقرار
ووسط هذا المشهد المأساوي، تقف مصر في الصف الأول مدافعة عن حق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه. والقيادة المصرية عبرت مرارًا عن رفضها القاطع لأي مشاريع تهدف إلى تفريغ غزة من سكانها، مشددة على أن القضية الفلسطينية لا تنفصل عن الأمن القومي المصري.
وفي الأسابيع الأخيرة، أرسلت مصر رسائل حاسمة، سواء من خلال تصريحات القيادة السياسية أو المواقف الدبلوماسية، تؤكد على ضرورة وقف التصعيد وحماية الشعب الفلسطيني. كما لعبت مصر دور الوسيط بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي لتجنب مزيد من الدماء، وفتحت معبر رفح لإدخال المساعدات الإنسانية.
ويفيد الموقف الرسمي لمصر يُعززه دعم شعبي كبير للقضية الفلسطينية. من التظاهرات الداعمة إلى حملات التبرعات، يقف الشعب المصري جنبًا إلى جنب مع إخوانه الفلسطينيين، مجسدًا عمق الروابط التاريخية والجغرافية بين البلدين.
وها هي مصر ترسل رسالة للعالم
إن ما يحدث في غزة ليس مجرد أزمة إنسانية، بل اختبار حقيقي للمجتمع الدولي. العالم مطالب بموقف واضح وصريح تجاه ممارسات الاحتلال. أما التهجير القسري، فهو جريمة لا تسقط بالتقادم، ويتعين على الدول الكبرى ومؤسسات حقوق الإنسان الوقوف بحزم ضدها.
فغزة ستبقى رمزًا للصمود رغم كل الجراح، ومصر ستظل الدرع الذي يحمي القضية الفلسطينية. رسالة مصر واضحة: لا تفريط في حقوق الشعب الفلسطيني، ولا بديل عن إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
