بقلم / عادل النمر
إننا نُطلق صرخة وزئير الجياع حتى يُسمع صوتنا، لنثبت شرعيتنا وحقنا في الحياة.
أصبحت الحياة للأغنياء فقط، ولا عزاء للفقراء والمحتاجين والمساكين. انتشرت السرقة وعمليات الخطف لبيع الأعضاء، وكل ذلك يرجع إلى العوز والحاجة إلى المال. حتى الشرفاء اضطروا إلى السرقة من أجل البقاء على قيد الحياة وإطعام أولادهم.
عندما يبكي الرجال، فاعلم أن همومهم فاقت قمم الجبال. وهذا ما يحدث الآن بسبب ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة.
فعندما يواجه الرجل والمرأة المعيلة مسؤوليات أسرهم مع ثبات الدخل وارتفاع الأسعار، ترى أقسى درجات الألم المكبوت، الذي يكاد يُفجِّر الدم في الشرايين، بسبب مواجهة الغلاء وحدهم دون أي تدخل حكومي لإنقاذهم.
أصبح الجميع يعاني معاناة شديدة في أهم مجالات المعيشة في مصر، وخصوصاً في التعليم والصحة والسكن وغلاء الأسعار. إن تآكل الطبقة الوسطى في مصر هو في حد ذاته ناقوس خطر.
التعليم والصحة هما من أهم المجالات التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، لكن في مصر يعاني الفقراء بشدة بسبب التحديات التي تواجه هذين القطاعين، مما يفاقم معاناتهم اليومية.
ومن أبرز المشكلات ارتفاع أسعار الدروس الخصوصية، التي أصبحت ضرورة للحصول على تعليم جيد بسبب تدهور جودة التعليم في المدارس الحكومية، وكذلك ارتفاع تكاليف الكتب المدرسية والمصروفات الدراسية.
وأيضاً ارتفاع تكاليف العلاج، والاعتماد المتزايد على المستشفيات والعيادات الخاصة التي تعتبر باهظة التكاليف بالنسبة للفقراء، وازدحام المستشفيات العامة، وندرة الأجهزة الطبية، وسوء الخدمات في نظام التأمين الصحي.
كذلك ارتفاع أسعار السلع الضرورية والكهرباء والمياه ووسائل المواصلات، إلى جانب ارتفاع إيجارات السكن الخاص.
لم يعد البعض قادراً على مواجهة صعوبات المعيشة إلا بطرق باب الاستدانة، أما حال الفقراء فقد زادهم هذا الغلاء بؤساً فوق بؤسهم.
إن لم يتدارك عقلاء هذا البلد ظاهرة ارتفاع الأسعار، فسندخل في نفق مظلم من المشكلات الاجتماعية مثل البطالة، والسرقة، والأنانية، والأمراض، والتنمر.
والمطلوب من الحكومة المصرية توفير مستوى معيشة كريم للمواطنين، وتوفير فرص العمل، والالتزام بالبرامج التنموية التي تعمل على تحسين مستوى المعيشة وبناء الإنسان المصري.
كما يجب إنشاء جهات رقابية صارمة لمتابعة الأسواق ومحاسبة المحتكرين والجشعين.
إن أزمة الغلاء قد لاحت آثارها في الأفق منذ فترة، ولا ندري ما يخفيه المستقبل من ارتفاعات متوقعة قد تقضي على البقية الباقية من الطبقة المتوسطة. لذا، يجب أن يشارك الجميع في حلها: الحكومة ببرامجها، والعلماء بعلمهم، والتجار بأموالهم، والكتاب بأقلامهم، وكل غيور ناصح بلسانه.
وعلى الحكومة وقف الجشع التجاري والإرهاب الاقتصادي.
وتقديم حلول عملية واقتراحات معقولة لمواجهة الغلاء ورفع العنت عن الناس.
كذلك يجب زيادة معدل الصادرات، وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، ودعم انتعاش السياحة، وزيادة إيرادات قناة السويس.
إن الدولة المصرية، ممثلة في القيادة السياسية، تبذل جهوداً لمساعدة الفقراء والمحتاجين من خلال مبادرات مثل “حياة كريمة” و”تكافل وكرامة”، وتقديم المساعدات المالية. ومع ذلك، لم تنتهِ مشكلة الفقر وغلاء الأسعار بعد.
ثورة الجياع هي سيناريو الرعب الذي يحذر منه السياسيون والخبراء والكتاب لما يمكن أن يحدث في مصر بسبب غياب العدالة الاجتماعية، وتدهور الأحوال الاقتصادية، وارتفاع الأسعار.
وأكرر إذا لم نحارب غلاء الأسعار، سنجد أنفسنا مضطرين يوماً لمحاربة الفقر والجهل بسبب العنف والتنمر الناتجين عن الجوع والحرمان.