المتمردة: الجزء السابع عشر – بداية جديدة

 

بقلم د _ عيد علي

 

خرجنا من المواجهة أضعف مما دخلناها. كانت الحقيقة التي اكتشفناها أشد ألمًا مما توقعت. الخيانة جاءت من أقرب حليف، وشريكة الأمس، التي عادت فقط لمحاولة تصحيح المسار، لم تكن قادرة على البقاء.

 

“لا أستطيع أن أستمر في هذا الطريق،” قالت لي بعد أيام من الصمت.

كانت كلماتها واضحة ونهائية. نظرت في عينيها، ولم أجد فيهما تلك الشرارة القديمة. كل ما رأيته كان تعبًا ورغبة في الرحيل.

 

“إذا كان هذا هو اختيارك، فلن أوقفك،” قلت أخيرًا.

 

وبعد رحيلها، وجدت نفسي وحدي مرة أخرى. مملكتي، التي بدت قوية يومًا ما، أصبحت مليئة بالفراغات. شعرت أنني أخوض معركة ضد أشباح، وكل خطوة كنت أخطوها كانت تغرقني أكثر في الوحدة.

 

في خضم هذا الحزن، جاءت إلى حياتي صدفة غريبة. أثناء اجتماع في سوق مزدحم، التقيت بها. لم تكن مثل أي شخص عرفته من قبل. كانت تُدعى “ليلى”، وكانت تحمل معها هالة من الغموض والجاذبية.

 

كانت نظراتها واثقة وكلماتها مليئة بالحياة. لفتت انتباهي منذ اللحظة الأولى، ليس بجمالها فقط، بل بقوة حضورها. عندما تحدثت، شعرت أنني وجدت شخصًا يستطيع أن يرى العالم بطريقة مختلفة، بطريقة لم أرها من قبل.

 

“هل أنت الملك الذي سمعت عنه؟” سألتني بابتسامة صغيرة.

 

“ربما،” أجبتها بحذر.

 

“لا تبدو كذلك. الملوك عادةً لا يحملون هذا الكم من الحزن في عيونهم.”

 

ضحكتُ رغم نفسي. كانت كلماتها تحمل صراحة مؤلمة، لكنها جذبتني. قضينا تلك الليلة نتحدث عن كل شيء. عن أحلامنا، عن ماضينا، وعن المستقبل الذي نبحث عنه.

 

مع الوقت، بدأت أشعر أن وجودها يجلب معه طاقة جديدة. كانت ليلى مختلفة عن كل من عرفتهم. لم تكن تسعى لتغيير مملكتي أو السيطرة عليها، بل كانت ترغب فقط في أن ترىني أعود إلى نفسي.

 

“لا يمكنك بناء شيء جديد وأنت عالق في الماضي،” قالت لي في إحدى الليالي.

 

كلماتها كانت بمثابة تذكير لي بأنني أستحق بداية جديدة. ومعها، بدأت أرى العالم بشكل مختلف. كانت ليلى تحمل حبًا لم يأتِ من ضعف أو احتياج، بل من قوة وإيمان بالشخص الذي يمكنني أن أكونه.

 

لكن السؤال الذي بقي يطاردني كان:

هل يمكن لحب جديد أن يداوي جراح الماضي؟ أم أن ظلال المتمردة ستظل تطاردني مهما حاولت الهرب؟

 

إلى اللقاء في الجزء الثامن عشر…

المتمردة / بداية جديدة
Comments (0)
Add Comment