قلب يعيش أكثر من حياة

بقلم/ سالي جابر

إلى قلبي الذي تعلم كيف يحيا بأكثر من حلم، كانت الحياة تسير على وتيرة خامدة وتندرج تحت مسمى صامت، تهرول مع دقات الساعة وتصنع لنفسها وقتًا خاصًا لتسعى به لحياة أخرى.

الحياة الواحدة مملة، ولهذا قررت أن أعيش أكثر من حياة، أسير بقلبي وعقلي وروحي معًا في كل اختيار؛ فالعقل يسد فجوات الزمن الباردة، والقلب يشعل النيران في حطب الذكريات، أما الروح فهي الأمان الذي يوازن بينهم كقائد أوركسترا يصنع من فوضى النغم لحنًا هادئًا، في كل مرة ينزعج عقلي من ذكرى بائسة كانت تمر الساعة بثقل و يحتار فيها الصبح و يخور فيها الليل ويختبىء قمره تحت سحب الوجع، بينما الآن عندما تم عقد الصلح بين ثلاثتهم صارت الذكرى دروس .

هذا يقدم معسول الكلام، ويهدي للقلب مفتاح صدىء لا يجدي مع أقفال الحياة، ويطلب مني أن أساعده في تخطي العقبات، وذاك يشمر ساعديه ليغوص معي في بئر الأنين وهو من وضعني به، بينما تلك الهادئة تكتظ غيظًا من قلبي الذي لا يخالطه الكبر، ومع كل هذا يرسمون بسمة ساخرة صفراء على وجوه شاحبة .

تساءلت عن مدى قدرتي في تغيير واقعي لتفادي الألم، فأدركت أن الواقع هو فكرة وشعور بينما أنا راضية عن الفكرة أصبح الشعور ساكنًا ولهذا لن أطالب ذاتي بتغيير الواقع، لكني أطالب نفسي بتغيير الحلم، فأضحى حلمي بسيطًا عما كان.

لم يعد الحلم يركض خلف للمستحيل، بل صار يمشي الهوينى، يلتقط من الأرض زهور الأمل البسيطة، يتغذى على عطر الياسمين الذي يملأ الدنيا عبقًا .

اليوم قررت بدء مغامرة جديدة، لم تكن فوق سفوح الجبال، ولا في أعماق البحار؛ بل مغامرة وردية في سبر أغوار ذاتٍ رمادية، لم تكن لتحيا لولا أنها أدركت أن للدنيا شموس ذهبية عند الشروق، برتقالية عند الغروب، شمس تحيا في قلب الأمل، وأخرى في عمق الرضا، وثالثة تنتشر مع أنفاس الصبح، ورابعة ترسل لنا السلام قبيل العصر، وخامسة وسادسة…تنشر نسيجها البرتقالي ليختلط بزرقة السماء يسلم راية الحب للقمر، فنحيا ليلنا بأقمار وأقمار…

وهكذا كلما نضج القلب تغيرت معه الأحلام، وهكذا يمضي قلبي للأمام، مؤمنًا بأن الأحلام لا تنام.

وأدركت أن حياتي مليئة بالحيوات الأخرى العامرة بالأمل، وهكذا بتواضع الأحلام وبساطة الأمنيات، وجدت في الحياة ثراء لا يُرى إلا بعين القلب، هيا يا قلبي ابدأ  من جديد ورتب الحلم حسب العقل والروح.

Comments (0)
Add Comment