رانيا فتحي
بعد أكثر من أسبوع من الترقب، عين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حليفه فرنسوا بايرو رئيسا للوزراء يوم الجمعة 13 ديسمبر/كانون الاول، على أمل تجاوز الأزمة الكبرى التي تعانيها فرنسا منذ حلّ الجمعية الوطنية في حزيران/يونيو الماضي وإجراء انتخابات لم تسفر عن غالبية واضحة ولا مطلقة.
رئيس الوزراء الفرنسي المعين حديثا، فرانسوا بايرو، إلى جانب رئيس الوزراء المنتهية ولايته ميشيل بارنييه، خلال مراسم تسليم المهام في قصر ماتينيون في باريس. 13 ديسمبر/كانون الاول 2024.
رئيس الوزراء الفرنسي المعين حديثا، فرانسوا بايرو، إلى جانب رئيس الوزراء المنتهية ولايته ميشيل بارنييه، خلال مراسم تسليم المهام في قصر ماتينيون في باريس. 13 ديسمبر/كانون الاول
وتجدر الإشارة إلى ان تعيين بايرو، وهو سياسي مخضرم يبلغ 73 عاما وحليف تاريخي لماكرون، يأتي بعد تسعة أيام من سقوط حكومة ميشال بارنييه إثر تصويت تاريخي على مذكرة لحجب الثقة دعمها نواب اليسار واليمين المتطرف في الرابع من كانون الأول/ديسمبر.
وفور الإعلان عن تعيينه، عبر رئيس الوزراء الفرنسي الجديد فرنسوا بايرو عن أمله في إنجاز “مصالحة” بين الفرنسيين، وقال في تصريح مقتضب للصحافيين “هناك طريق يجب أن نجده يوحد الناس بدلا من أن يفرقهم. أعتقد أن المصالحة ضرورية”.
من هو فرنسوا بايرو؟
بايرو، زعيم حزب الحركة الديمقراطية (موديم) وعمدة مدينة بوه، لطالما كان شخصية محورية في السياسة الفرنسية، وقد تم استشارته عدة مرات من قبل ماكرون لاختيار رئيس وزراء، ولكن لم يتم تعيينه من قبل على رأس الحكومة.
ولد فرانسوا في 25 مايو/ايار من سنة 1951 في منطقة بورديريس(Bordères) بالبرنيه الأطلسية، وهو ينحدر من عائلة مزارعين، حسب التقارير الإعلامية المحلية.
ونشأ في بيئة تجمع بين التربية الصارمة والانفتاح، حيث ورث عن والديه “روحا مدنية، وحسا بالتضامن، وفضولا حقيقيا تجاه الحياة السياسية”، كما ورد في سيرته الذاتية المنشورة على موقع حزبه.
خاض السباق إلى قصر الإليزيه.. ثلاث مرات
بدأ بايرو مسيرته السياسية في منطقة البرنيه الأطلسية (Pyrénées-Atlantiques)، حيث تم انتخابه مستشارا عاما ثم نائبا في الجمعية الوطنية. كما شغل منصب عمدة مدينة بوه(Pau) من عام 2014 حتى 2020، وكان رئيسًا لمجموعة بلديات بوه-البرنيه.
وفي عام 1993، تم تعيينه وزيرا للتعليم الوطني، حيث شغل هذا المنصب لأكثر من أربع سنوات. ثم في عام 1998، أصبح رئيسا لحزب الاتحاد من أجل الديمقراطية الفرنسية (L’Union pour la démocratie française)، وفي عام 2002، ترشح للانتخابات الرئاسية حيث حصل على أكثر من مليوني صوت.
كما عرف خلال حملته الانتخابية في عام 2007 بتركيزه على محاربة الديون العامة، حيث حصل على 19% من الأصوات، وكان على وشك المرور إلى الجولة الثانية.
ثم تقدم مجدداً لخوض السباق إلى قصر الإليزيه في عام 2012، وحاول أن يتحدى هيمنة الأحزاب التقليدية من خلال تقديم نفسه كبديل وسط، لكنه حقق نسب منخفضة ،وجاء في المركز الرابع بعد نيكولا ساركوزي، فرنسوا هولاند، ومارين لوبين.
من فرنسوا هولاند إلى إيمانويل ماكرون
ويرى بايرو أن السياسة الفرنسية “قد تعرضت للتآكل بسبب الأكاذيب، والأوهام، والوعود الكاذبة، والانقسامات المفتعلة”، حسب التقارير الإعلامية المحلية
ولذلك، اختار في عام 2012 دعم فرانسوا هولاند في الانتخابات الرئاسية، رغم أنه كان في السابق حليفا للرئيس نيكولا ساركوزي.
وبعد وصول إيمانويل ماكرون إلى السلطة في عام 2017، أصبح بايرو أحد أبرز حلفائه، رغم أنه لم يتردد في التعبير عن مواقفه المعارضة في بعض الأحيان، مما دفع بعض المقربين من الرئيس إلى وصفه بـ”المزعج”.
ومع ذلك، تم تعيينه في عام 2017 وزيرا للعدل، حيث أشرف على العديد من الإصلاحات، مثل قانون الثقة في الحياة العامة (La loi pour la confiance dans la vie publique)، الذي شمل إلغاء الاحتياطيات البرلمانية، ومراقبة النفقات العامة، ومنع الوظائف العائلية، وتعزيز مكافحة تضارب المصالح.
وفي عام 2020، عين ماكرون بايرو على رأس الهيئة العليا للتخطيط (Haut-commissariat au Plan). واليوم، وبعد أربع سنوات من تلك التعيينات، أصبح بايرو أخيرا رئيسا للوزراء.