الصحابي الذي كلمه الله تعالى بدون حجاب

 

حسن محمود الشريف

إنه الصحابي الجليل عبدالله بن عمرو بن حرام الخزرجي الأنصاري، أحد نقباء الأنصار ليلة بيعة العقبة، شهد غزوة بدر وأبلى بلاءً حسناً، واستشهد يوم أحد، وكان واحدا من الرجال المخلصين للإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم. في الجاهلية كان عبدالله بن عمرو بن حرام سيداً من سادات الخزرج وشريفا من أشرافها، ويروي كعب بن مالك قصة إسلام إبن حرام فيقول: خرجنا إلى الحج وواعدنا رسول الله العقبة من أوسط أيام التشريق فلما فرغنا من الحج وكانت الليلة التي واعدنا رسول الله فيها، ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر سيد من ساداتنا أخذناه وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا، فكلمناه وقلنا له: يا أبا جابر إنك سيد من ساداتنا وشريف من أشرافنا وإنا لنرغب بك عما أنت فيه أن تكون حطبا للنار غداً، ثم دعوناه إلى الإسلام وأخبرناه بميعاد رسول الله إيانا العقبة، قال: فأسلم وشهد معنا العقبة وكان نقيباً. وبعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة لازم عبد الله بن حرام النبي ليلا ونهارا ووضع نفسه، وماله، وأهله في خدمة الإسلام، وعندما اندلعت المعركة بين المسلمين ومشركي قريش في غزوة بدر خرج مجاهداً، وقاتل قتال الأبطال ،

و لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غزوة أحد في ألف رجل من أصحابه حتى إذا كانوا بالشوط بين أحد والمدينة انخزل عنهم عبد الله بن أبي بن سلول بثلث الناس وقال: أطاعهم فخرج وعصاني! والله ما ندري علام نقتل أنفسنا هاهنا أيها الناس! فرجع بمن اتبعه من الناس من قومه من أهل النفاق وأهل الريب واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام يقول: يا قوم أذكركم الله أن تخذلوا نبيكم وقومكم عند من حضر من عدو! فقالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم، ولكنا لا نرى أن يكون قتال! فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف عنهم، قال: أبعدكم الله أعداء الله! فسيغني الله عنكم! ومضى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المعركة،

وكان حب عبد الله بن عمرو بن حرام بل شغفه بالموت في سبيل الله منتهى أمانيه، وفي غزوة أحد تراءى له مصرعه قبل أن يخرج المسلمون للغزوة، وغمره إحساس صادق بأنه لن يعود، فكاد قلبه يطير من الفرح،

ودعا إليه ولده جابر بن عبد الله الصحابي الجليل، وقال له: إني لا أراني إلا مقتولاً في هذه الغزوة بل لعلي سأكون أول شهدائها من المسلمين، واني والله، لا أدع أحداً بعدي أحبّ إليّ منك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وان عليَّ ديناً، فاقض عني ديني، واستوص بإخوتك خيراً»، ولقد أنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه بعد استشهاده يوم أحد نبأ عظيماً يصور شغفه بالشهادة فقال عليه الصلاة والسلام لولده جابر يوماً: «يا جابر: ما كلم الله أحداً قط إلا من وراء حجاب، ولقد كلم ابوك كفاحا- أي مواجهة – فقال له: يا عَبْدِي، سَلْنِي أعْطِك فقال: يا رب، أسألك أن تردني إلى الدنيا، لأقتل في سبيلك ثانية قال الله له: (إنّهُ قَدْ سَبَقَ القَوْلُ مِنّي: أنَّهُم إليّها لا يَرْجِعُون) قال: يا رب فأبلغ من ورائي بما أعطيتنا من نعمة «فانزل الله تعالى قوله: (ولا تَحْسَبنّ الذينَ قُتِلُوا في سَبيلِ اللهِ أمْواتاً، بل أحْياءٌ عِندَ رَبِّهِم يُرْزَقُون، فَرِحينَ بِمَا أتَاهُم الله مِن فَضْلِه، ويَسْتَبْشِرون بالذين لمْ يَلحَقُوا بِهم مِن خَلفِهم، ألا خَوْف عليهم ولا هُم يَحْزَنُون)، «آل عمران: الآيتين 169 – 170»

ولقد مر النبي محمد صل الله عليه وسلم بأخت عبد الله بن حرام فاطمة بنت عمرو بن حرام وهي تبكيه بعد استشهاده، فقال لها صل الله عليه وسلم : «تبكيه أو لا تُبَكِّيه. ما زالت الملائكة تُظِلُّهُ بأجنحتها، حتى رفع». رضى الله عنه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

الصحابي الذي كلمه الله تعالى بدون حجاب
Comments (0)
Add Comment